عرض بلا مناعة
لم أشارك هذا المساء في المداخلات التي دارت بعض العرض المسرحي: رجل بلا مناعة، والذي قدمته فرقة فناني مجان إحدى أعرق الفرق المسرحية العمانية، وذلك لإيماني بأن ما سأقوله لن يغير من واقع العرض شيئا، فالفنانون المشاركون ليسوا مبتدئين مطلقا ولا الفرقة أيضا كي يقدموا عرضا أقل ما يقال عنه بأنه عرض عادي جدا.
المشكلة في هذا العرض أنه انطلق من عرض سابق بالعنوان ذاته قدمه قبل سنوات الكاتب نفسه: الدكتور عبد الكريم جواد، ونال حينها كثيرا من الملاحظات، كونه كان ينطلق من منطقة أخلاقية بالدرجة الأولى، ويريد إيصال رسالة واضحة المعنى حينها ـ وكذلك الآن ـ وهذه ـ في ذلك الوقت ـ تبدو مشجعة للتعاطي معها حيث لم يسبق ان طرق موضوع مرض الإيدز على المنصة من قبل وكان حينها الوقت في بداياته للانفتاح على مثل هكذا أفكار، وضرورية من ناحية اجتماعية صرفة، فالفن الذي لا يخدم المجتمع أحيانا لا ضرورة أو أهمية له.
والمشكلة الأخرى والأكثر تعقيدا أن المؤلف هو ذاته المخرج حينها، وقد كتبه لا كنص أدبي بل كان قد وضع خطة إخراجية مسبقة، وعلى أساسها بنى فكرة النص وطورها لتصبح عرضا قابلا للمشاهدة.
لقد نجح حينها الدكتور عبد الكريم جواد في أن يمتعنا بأسلوبه الإخراجي وفي أن يوصل الفكرة الأخلاقية الاجتماعية دون أن يضطر إلى أن يكون خطابيا (العرض هنا أيضا ليس خطابيا ومباشرا تماما)
من هاتين الإشكاليتين يقع عبء هائل على المخرج الذي سيتعرض للنص مجددا، وفي اعتقادي بأن سيف المعولي لم يفجر إمكانيات كبيرة في التعاطي مع العرض، بل قدمه وكأنه خارج مسابقة، ودون تعقيدات كثيرة، أو زلزلة عميقة للنص كي يخرج من إيسار العرض/ النص الذي قدم قبل أقل من عشر سنوات.
قد أحسب للمخرج أنه لم يدخل خضم تلك التعقيدات وفضل تقديم عرض كلاسيكي الطرح ـ إخراجيا ـ مع بعض اللمسات الجديدة بالنسبة لتاريخ سيف المعولي وكذلك المسرح العماني، ولكنه لم يكلف نفسه عناء تفتيت النص كي يخرجه من فكرة الإخراج التي بناها الدكتور عبد الكريم جواد، وكان أمينا على النص فقدمه كما قدم سابقا دون حذف كثير أو إعادة بناء...
هذه ليست إشكالية المعولي وحده، فأغلب المشاركين أو بالتحديد المخرجين، ظلوا أمناء حتى اللحظة مع النصوص التي قدموها، ربما لمراعاة أصحاب تلك النصوص، وربما لأنهم لا يريدون سوى التفكير في زوايا العرض الأخرى، مع العلم بأن الزاوية الأولى والبداية تنطلق من إعداد النص للعرض على المنصة..
تعليقات
إرسال تعليق