رسالة إلى أصدقائي الإعلاميين
أخوتي أيها الإعلاميون:
تحية طيبة وبعد،،
فإني أبارك لكم هذا التحرك، وهذا الاعتصام، الذي جاء متأخرا أكثر من عشر سنين، أبارك لكم أنكم أخيرا وجدتم الشماعة التي تلقون عليها تأخر الإعلام العماني، أبارك لكم أنكم كسرتم الخوف الذي زرعتموه في داخلكم كل هذه السنوات، وقلتم بأنكم ما عدتم تطيقون أكثر! ما عدتم تتحملون هذا الجو الفاسد في الإعلام حيث صوت الوطن والشعب مغيب، مخنوق بفعل فاعل بتم الآن تعلمون من يكون.. فيما الوطن يسقط في الضياع لولا عناية الله وحكمة السلطان
أبارك لكم انتفاضتكم، وعزمكم على أن تغيروا المشهد الإعلامي في بلادنا من التضليل إلى الشفافية والجرأة.. من الانغلاق إلى الانفتاح الذي يجعلكم كأي إعلام حر ونزيه قادر على أن يتعامل مع قضايا وطنه وأمته بالشكل اللائق، لا أن يكون "ماسح أحذية" فلان وعلان، فيما الشارع الخلفي الذي قد تمشي عليه تلك الأحذية مصاب بالتلوث وانفجار البالوعات والمجاري
هي خطوة حسنة، مع أنها تأخرت اكثر من عشر سنين، تأخرت كثيرا كثيرا ولم يتكلم أحد منكم أنتم أهل مكة بأن الوضع سيء.. كل واحد منكم يتحدث في الأودية والسيوح عن هذا الإعلام البائس السيء، ولكن يدا واحدة لم ترفع لتقول بأن هناك ما يمكن تسميته بـ"الفساد"
لا تظنوا أني أعرض بكم، ولكنني أتساءل في هذه اللحظة التي تتغير فيها عمان: ألم تتأخروا كثيرا؟ أليس فيكم من كان ممارسا بكل قناعة لهذا الفساد الإعلامي؟ أقول بكل اقتناع قد مارس التضليل والتعتيم وتكميم الأفواه لا خوفا على كرسي صغير بل أحيانا لإرضاء مسئول سيمضي في حال سبيله ذات يوم!
اعذروني لهذه الصراحة وأنا أحد الذين يمارسون العمل الإعلامي، بل أحد الذين مورست ضدهم أجواء التكميم، لا من قبل من هم فوق، بل من هم يعتقدون أن ما قد يكتب أو يقال قد يعرضهم للمساءلة.. وربما كان كثير من الرفاق يساندني في أن هذا هو الوضع القائم، وهذا ما يفعله الصغار قبل الكبار.
ثم إن كان الإعلام الحكومي هو ما عرفنا وذقنا، فلماذا لم يتخلص أناس الإعلام الخاص من هيمنة وسطوة النظرة الحكومية؟ لماذا هم أشد ضراوة في الإبقاء على الصورة الغائمة المائعة؟ ومنهم أناس نطلق عليهم "ليبراليين"؟
لم يكن هناك من أحد مع الإعلام واقف تلك الوقفة السليمة إلا من رحم ربي.. لم يكن هناك أحد قادر على أن يكون "انتحاريا" حتى يحاول أن يغير من مجرى تاريخ الإعلام قليلا، بل الغالب ركب الموجة وقال "مشي حالك"
أعرف ما سيقال عني عندما أقول هذا الكلام، ولكنني أرجو كل واحد منكم أن يكون مخلصا مع نفسه صادقا أمينا ويسأل ذاته: ألم أشارك في هذه المهزلة التي نطلق عليها تجاوزا مسمى الإعلام العماني؟
إذن قبل أن تحاسبوا الناس وتكيلوا لهم السباب والشتم والكلام البذيء حاسبوا أنفسكم، حاولوا أن تعدلوا من وضعكم مع ذواتكم، وأن تقولوا كلمة الحق التي تؤمنون بها في حينها لا أن تخرجوا الآن في اعتصامات تصرخون أنكم ظلمتم.. قولوا كلمة الحق وما تؤمنوا بأنه الصواب وحاولوا، وتأكدوا أن الرزق بيد الخالق لا بيد أحد.. افعلوا ذلك ـ أمس ـ افعلوه الآن، افعلوه غدا.. لا أن تخرجوا في هذه اللحظة التي تتشابك فيها الأشياء بعضها ببعض وتقولوا بأن الوقت أزف للتغيير.. نعم هو كذلك، أزف أن يغير كل واحد فكرته القديمة حول القدرة على قول الكلمة التي نؤمن بها، والتغيير الآن يبدأ منكم أيها الأصدقاء الأعزاء
واعذروني إن كنت أقول كلاما مغايرا للسائد، اعذروني أني لم أكن معكم، ولن أكون معكم في الاعتصام، إذ ساعتها سأعتصم ضد نفسي قبل أن أعتصم ضد فلان وعلان
كما أنني متفائل بأن التغيير الإعلامي قادم لا محالة، اليوم أو الغد أو بعد الغد، وعمان الجميلة تبدأ عهدا جديدا من الجمال، عهدا من الرخاء والتفاؤل، تحت قيادة السلطان حفظه الله ورعاه وأمده بالصحة والعافية كي نتعلم على يديه كيف نبني عمان
حفظكم الله أيها الأصدقاء، وحقق مطالبكم الجميلة، ومنحكم القدرة على أن تبدأوا بأنفسكم حملة التغيير..
تعليقات
إرسال تعليق