بعد أن سال الدم

هل كان من الضروري أن يقتنع السلطان وبطانته بضرورة التغيير بعد أن يسيل الدم؟ بعد أن تزهق أرواح عمانية لم تكن تريد سوى الستر، لا أكثر من ذلك ولا أقل؟

ها أنت يا صاحب الجلالة، صاحب الحكمة والعقل الرزين، الذي أحببناك وما زلنا، تضيع تعب سنواتك الأربعين في الحكم، سنوات الحكمة والرشاد، تضيعها في لحظات لا أعرف كيف أصفها.. بدءا من مراسيم استفزت الجميع، وأكدت على أن مستقبل هذا الوطن الرائع بات أكثر سوادا وظلمة، ما دام الأمر يتم بهذه الطريقة التي ليست أقل من استغفال للشعب.. ثم تكافئ أبناءك الذين لم يطلبوا سوى العيش الكريم بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع، بالدبابات والمدرعات والإهانات والضرب والاعتقال غير المبرر، ولكأنما ما يحدث في الجوار: تونس ومصر وليبيا والمغرب والجزائر والأردن واليمن والبحرين وموريتانيا وجيبوتي والكويت والعراق لا يمكن أن يحدث هنا، ولا يرسل رسالة مفادها أن الشعوب التي تقهر لا تجد سوى اليأس الذي إما أن يحركها إلى الدمار، أو أن يحرك إلى الانتفاضة، وكلا الأمرين يعني أن أحدا لم يتعلم الدرس جيدا..

لا نريد أن يحدث ذلك، بل لا نريد لصورتكم الجميلة والحبيبة أن تنكسر، أن نجدكم تتداعون لتكررون التاريخ الذي جئتم لإصلاحه عبر السنوات الماضية

ماذا كان يضيركم لو أنكم قلبتم الأمر بالشكل المنطقي؟ بالشكل الذي يجذب شعبكم إليكم أكثر فأكثر، يؤكد أنهم إلى جواركم، وبأن حالة الخيانة التي حدثت كانت في قلوب الضعاف، ولا يمكن لها أن تتكرر.. ماذا ضر بطانتك لو أنهم قرأوا الأمر بطريقة اكثر جدية؟ وعوضا عن تكريس الواقع المفروض عليهم منذ زمن كان يمكنهم أن يغيروا صورتهم على الأقل، أن يتركوا الشعب يعيش بكرامة دون ممارسة تلك العليائية التي وضحت من خلال المراسيم الأخيرة التي ما كانت سوى رقعة شطرنج تدور فيها الأسماء ولا تغيير فعلي ولا أمل

ها أنتم تتراجعون اليوم عما أزمعتم القيام به وأعلنتموه من قبل، تراجع لم نرده أصلا، تراجع نحزن عليه أكثر، لأنه يوجعنا نحن شعبك أن نراك أنت القائد الحكيم الملهم تتراجع.. كان بالإمكان أن لا يحدث كل هذا منذ زمن، لو أن شباب هذا الوطن وجدوا أنفسهم في حياة كريمة دون إذلال على لقمة العيش، وهم لا يريدون سوى ذلك السقف من الأمان، والأمان ليس الصورة المعتادة التي نعرفها جميعا، بل هي في النوم آخر المساء دون الخوف من الغد، دون أن يكون المرء لا يعرف غده كيف يكون..

وبرغم أن الدم سال، إلا أن الفرصة ما تزال حاضرة، فرصة أن يعيش الإنسان بكرامة بأمان يحب سلطانه وينظر إليه دائما مثالا للحكمة والعدل والحنان.. فقط لتسمع لشعبك، لتنصت كما عهدناك منصتا بحب، واعرف أين هو مكمن الخطأ، فالوقت ما يزال أمامنا حتى الآن..

تعليقات

  1. دائما تبقى الفرص حاضرة
    كلما تقرب الشعب من قائدهم ..
    وأعطوه كامل ثقتهم به وبتوجهاته الحكيمة ..
    وحاولوا قدر المستطاع أن يصلوا إليه
    ويسمعوه حقيقة معاناتهم ..
    ويمنعوا كل ما يصل إليه من كلام سيء عن شعبه الذي
    لم يعرف يوما سوى أن يحبه ويحبه كثيرا !

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة