شباب العرب يقيمون أول ثورة إلكترونية في العالم

في تونس يشعل يأس محمد البوعزيزي الثورةَ والأملَ في غد أجمل، وينتفضُ أهل الفيسبوك والمدونات لكي ينهوا ما يزيد عن عشرين عاما من الفساد والظلم والطغيان.. وفي مصر يطلق الفيسبوكيون حملة السادس من أبريل للتغيير، بعد أن فشلت كافة الحملات السابقة، التي تنادي بالتغيير، تغيير الحاكم وعدم ترشحه لدورة رئاسة أخرى، ونسف فكرة أن يترشح ابنه للحكم في الانتخابات المقبلة، يطلق شباب الفيس بوك هذه الحملة لكي تكون أكثر قوة، وأكثر قدرة على الوصول إلى الهدف، ولو بعد حين.. وذلك ليس بعيدا، فالعام لم يكتمل حتى انطلقوا إلى بغيتهم، إلى حيث ضرورة أن يتم تغيير كل شيء في هذا البلد الغارق حتى أخمص قدميه في حضارة موغلة في التاريخ.. وها هم على بعد خطوة ـ شباب الفيس بوك ـ من تحقيق ما لم يستطعه لا كفاية ولا أحزاب المعارضة، ولا حتى الأخون المسلمون.

إذن يبدو أن الفيس بوك وحركة التدوين العربية قد كسب أصحابها وناشطوها ومريدوها الرهان، ليكونوا بذلك أول من يثور ثورة إلكترونية، أول من يستغل هذه المساحات التي جاءت من الغرب لصالح قضاياهم الكبرى، في وقت يرى كثير من التربويين العرب بأن هذا الجيل ضائع، ضائع ولا هوية له، وبأنه لا يملك القدرة على تحمل مسئولية صغيرة فما بالك بالمسئوليات الكبرى؟

وعليه، فإن هؤلاء المشايخ: مشايخ الدين، مشايخ الدراسات الأكاديمية الجامدة في علم الاجتماع، مشايخ الإعلام التنموي الذي يصر على أن يخاطب طبقة الشباب بصيغ بالية لا تتواكب وتفكيره وواقعه الفعلي.. عليهم أن يعودوا إلى الواقع ويعيدوا دراسة هذا الجيل من جديد، أن يقرأوه بطريقة تناسبه، لا تناسب النظريات العتيقة التي ربما تعفنت في الكتب ودفاتر هؤلاء الذين لم تنجب الأمة عقولا أفضل منهم.

وبمناسبة ذكر الإعلام فإني أستطيع أن أقول بأن له فضلا كبيرا في إذكاء قوة هذه الثورة الإلكترونية، في إنجاحها بطريقة ما، نظرا لسلبيته، للعقم الكبير الذي يعيش فيه، لأنه اختار أن يكون جنديا حارسا يحمي اللصوص والفاسدين ويغض الطرف عن مآسي الشعوب، هذه الشعوب التي يشكل شبابها الطبقة الأكبر وفق كثير من إحصائيات المؤسسات ذاتها التي ينبع منها إعلام سيء منحط يعيش وفق رؤية أحادية لا تعكس سوى الغث وغير المفيد.

هي إذن الثورة الإلكترونية الأولى التي تنتصر، حتى إن لم يخترها أبناء العربية، ولكنهم سيكونون أول من استغلها استغلالا جيدا في تحقيق أهداف قضاياهم النبيلة.. ويبدو أن التاريخ مجددا سيتغير في مجال الثورة الإلكترونية، فبعد أن جاءت الإنترنت وغيرت مفاهيم كثيرة في الحياة، ثم جاء "الموبايل" واكد على تغير تلك المفاهيم وتعميق ذلك التغيير، تأتي جوجل لتثور في الواقع الإلكتروني ذاته مغيرة مفاهيم التعاطي مع الإنترنت كوسيط معلوماتي، ثم تأتي شبكات التواصل الاجتماعي، والفيس بوك في مقدمتها واولها وأهمها، وتتزامن معها المدونات التي يحررها متصفحو الانترنت التي لا يشرف عليها سواهم.. كلها محطات في الثورة المعلوماتية مهمة جدا، ويبدو أن ما فعله شباب الفيسبوك العرب سيكون محطة في تدوين تاريخ جديد في سلسلة التغيير التي تحدثها شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" منذ أن انطلقت في تسعينيات القرن العشرين على نطاق واسع في العالم.

تعليقات

المشاركات الشائعة