الثور الأبيض

جميل جدا "الخبطة الصحفية" التي دشنتها قناة الجزيرة حول ملف التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، جميل جدا أن تسبق الجزيرة "ويكليكس" وتفضح السلطة الفلسطينية.

ومهما كانت المبررات، مبررات الفضح و"اللخبطة" الصحفية التي قامت بها الجزيرة؛ فإن ذلك أمر جيد وفي صالح الشعوب العربية التي ما زالت تبكي ضياع القدس وفلسطين، هذه الشعوب التي يتمسح بها الأخوة الفلسطينيون في كل مناسبة سيئة كي يضغطوا على حكوماتهم "العميلة"

حتى وإن كان الأمر لا يخلو من توجه سياسي، ربما تقوده قطر التي تبدو إعلاميا ضاغطة بشكل كبير فيما يتعلق بالملف الفلسطيني ـ وحتى اللبناني ـ متخطية في ذلك القيادة التي تتزعمها في هذا الاتجاه كل من القاهرة والرياض.

لا أظن أن هذا التوجه السياسي بغائب عن هذا الكشف الصحفي للوثائق، في ظل غياب فعالية التفاوض مع الإسرائليين، الذين يبدو أنهم الآن بالتحديد لم يعودوا يبالون بهذه المفاوضات، وبأن كل شيء تحت السيطرة، فحتى أيام الاستشهاديين خفتت وربما ولت وانتهت، والعالم إن كان سينشغل بشيء فلسطيني فإنه سينشغل بالدرجة الأولى بأزمة الحكومة الفلسطينية وربما بالحصار على غزة، والذي تعرفنا من خلال ويكليكس بأن هناك تنسيقا فلسطينيا عربيا إسرائليا تجاه.

القطريون ربما أرادوا أن يضغطوا على الأخوة كي يعدودوا إلى المسار الصحيح في المفاوضات، ان لا يكون التفاوض ليس إلا في صالح إسرائيل. ربما كانت نواياهم سليمة، وربما أشياء كثيرة إذا ما افترضنا بأن هناك توجها سياسيا في هذا الكشف الإعلامي.

في كل الأحوال، أجد أنه من المناسب أن نعرف أن من يتفاوضون باسم التاريخ باسم الأرض العربية ليسوا سوى تجار على أتم الاستعداد كي يبيعوا كل شيء، كل شيء، من أجل أن يفوزوا في نظر الغرب، عقدتنا الأزلية، التي لا يمكن محوها مهما تذكرنا أننا أصحاب تاريخ وأصحاب حضارة وكلام فارغ ترنمنا به منذ الطفولة وآن لنا أن نكفر به اليوم أكثر من أي وقت آخر كي نعدل من مسارنا نحو الغد.

على كل حال، سيكتب التاريخ أن فلسطينيا قرر أن يتفاوض على نفسه، قرر أن يتنازل من أجل ربح مؤقت لا يمكن له أن يستمر. سيكتب بأن الاحتلال لم يكن ليستمر لولا وجود رجال يبحثون عن مصالح خاصة ولا يهتمون بأنهم يمثلون أمة بكاملها، أمة وثقت بأنهم لن يفرطوا في شبر، فيما هم يفاوضون على القدس والحرم الشريف، يفاوضون على ضمان مستقبل الصهاينة دون أن يكون هناك أدنى اهتمام بمن هم أولى، عربا وأرمن وأكراد، مسلمين ومسيحيين ودرزيين وحتى يهود تهمتهم الوحيدة ديانتهم.

هل سندرك الآن سر ضياعنا؟ هل عرفنا الآن لماذا لا نستطيع كسر الحصار؟ لماذا لا نستطيع التقدم إلى المستقبل؟

ولكم أن تتذكروا بعد اليوم: أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض!

تعليقات

  1. الجاسوس الذي أحب اسرائيل

    هذه حقيقة الفرعون الكرتوني الذي يحكم مصر الكنانة.. اصح يا مصر

    http://boukerchmohamed.unblog.fr/2010/01/31/1610-28/

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة