تعسا لهذا الوضع

خلال اليومين الماضيين بدأت تغزوني كآبة الدنيا كلها، برغم أنني لا أريد إلا الفرح، ولكنني أصبت به كما أصابني الزكام وصداع الرأس من عملي ومن واقعي الثقافي الذي أعيشه

يا الله

لو ترحمنا

لو تشطبنا من قائمة البشرية

تمنحنا الرأفة إن أصبحنا هوام تدوس عليها الأقدام ويهملها التاريخ

ذلك أفضل بكثير من أن نعيش حياة بائسة كالتي نحياها الآن، أفضل من هذا العبث غير المجدي الذي يتشكل في بلادنا التي نحبها، لماذا أحببت هذه الأرض؟ لماذا أحببت هذه البلاد؟ هذه الحياة هنا؟

إنني ربما أكون مبالغا بعض الشيء ولكن ما يحدث لا يؤشر سوى إلى التعاسة لا أكثر ولا أقل، فماذا يعني أن يأتي أحدهم وبجرة قلم يزيل تاريخا ثقافيا اتفقنا معه أو اختلفنا، لأنه لا يؤمن به ولأنه صاحب قرار "ثقافي" وأدرى بما يناسبنا نحن؟ أليس هذا بالاستغفال؟ بالاستهانة بما نملك من مقومات الإنسانية؟

أشير هنا إلى حادثتين مختلفتين ولكنهما تنصبان في بوتقة واحدة، الأولى هي أسر النادي الثقافي التي ما عادت ذات فائدة بالنسبة لرئيس النادي الثقافي وبات من الضروري بحكم موقعه وبحكم أنه رجل فاهم ويعي ما يفعل أن يلغيها

حدث هذا تدريجيا بعد أن وضع الجميع في موضع الدمى وأخذ يحركها كيفما يشاء ثم "يجعجع" في الصحف بأنه رجل واع ويفهم ما يقوم به؟ حدث هذا عندما لم يعجبه أن يخالفه أحدهم في رأي أو يعترض عليه أو لا يتوافق معه ولا يدبجه بالكثير من الألقاب والتفخيمات غير الضرورية وكأنه ملك؟

ونسي حالما قرر قراره أو تناسى أو أنه كان يعي تماما أنه يلغي تاريخا ليس ملكية خاصة به، تاريخا تشكل عبر سنوات من الاجتهاد والكسل أيضا لأنه لا يرى إلا من زاوية ضيقة جدا، ولأنه فعليا رجل لم يعرفه الوسط من قبل مهما صرح بذلك وقال بأن له تاريخا في الثقافة

الحادثة الثانية هي شرفات الذي خرج من صلب الملحق الثقافي وكان منارة من المنارات الثقافية الجميلة في بلادنا، جاء اليوم الذي أخذ فيه يسقط، ثم بعد أن توازن قليلا جاء القرار بأن يمحى هو الآخر، لصالح ملاحق لا تقدم ولا تسمن من جوع، ولولا محاولات مناضلة لما بقي حتى الاسم، ليطل بعد يوم الأربعاء الشهير في ثلاثة أيام متوسعا في مفاهيم "الثقافة" وبذلك نسف الملحق الأربعائي الجميل، ونسف مشروع تنويري آخر في هذه البلاد التي لا أعرف إلى أين تذهب

هذان الأمران أدخلا الكآبة الحادة إلى نفسي، وها أنا أثرثر حزني هنا، برغم قراري الابتعاد عن هذه المنطقة المسماة ثقافة والكف عن التذمر والانشغال بحياتي الخاصة

غير إني أرجع كي أسب العالم واشتم وضعنا الملتبس وأقول: ألا تعسا لمثل هذا الوضع!

تعليقات

المشاركات الشائعة