دراما من جديد

حتى في الليلة الختامية لرمضان ما يزال البعض يتحدث عن الأعمال الدرامية في رمضان، سواء هنا في السلطنة أو هناك على امتداد الوطن العربي، وكأن هذا الشهر هو شاشة لعرض المسلسلات فحسب!
أقول هذا الكلام وأنا واحد من الذين تحدثوا ويتحدثون دوما عن مستويات الدراما وعن الأعمال المقدمة في شهر رمضان، وكأنه لا حيلة لا لي ولا لغيري سوى الحديث هذا!
ربما لأنني معني بصيغة أو أخرى بالإنتاج الدرامي، وأنظر للأمر من زواية أخرى
المهم أنني لن أدخل في مهاترات الحديث عن الإنتاج الدرامي العماني، إذ أنه حديث لن ينتهي وليست لدي حجة واضحة وبينة في هذا السياق لأني بالمختصر قررت أن أختار العمل العربي الذي أجد أنني أكثر ميلا إليه لأتابعه، عمل أو اثنين أو ربما ثلاثة، وأعتقد أنها ساعات جيدة لتابع من خلالها مسلسلا من ثلاثين حلقة، وليس لأن الأعمال العمانية المقدمة تبدو سيئة، وهذا كلام مبالغ فيه حتما، حيث مسلسل كدرايش يجد رغم الهجوم الكبير عليه متابعة مميزة، وهذا يجعل مسألة السوء فيها إعادة نظر..
الكلام عن سوء الأعمال الدرامية لا ينطبق فحسب على ما ينتج في عمان، بل أيضا يمتد إلى ما قدمته القنوات الفضائية الأخرى، والدليل أعمال يشارك فيها نجوم كبار، كحرب الجواسيس مثلا، أو أفراح إبليس.. إضافة إلى أعمال السير الذاتية (أبو ضحكة جنان، ليلى مراد، أدهم الشرقاوي) التي ما تزال كل مرة تثير لغطا كبيرا، وصدق من قال: إما أن تنجح نجاحا مدويا كما حدث مع أم كلثوم أو أسمهان، أو تفشل فشلا ذريعا كما هو الوضع مع عبد الحليم والسندريلا، وهو ما ينطبق على أعمال هذا العام، فليلى مراد عمل شوه نجمين كبيرين هما انور وجدي وليلى مراد، وأشرف عبد الباقي لم يستطع أن يقدم فعليا إسماعيل ياسين بشكل حقيقي، هذا إضافة إلى إخفاقات النص والإخراج..
على العموم،
ثمة أعمال جيدة أقنعتنا، واستمتعنا بها، وربما سيستحوذ الفخراني في مسلسل ابن الأرندلي على المرتبة الأولى من حيث الإقبال، وأعتقد أن نور الشريف في الرحايا سيكون تاليا له
الأول لم أتابعه فعليا، فيما الثاني تابعته من جزئه الثاني (في الحقيقة العمل الوحيد الذي كنت أتابعه هو المصراوية ولا مسلسل آخر، كوني معجب بأسامة أنور عكاشة، برغم أنه يحاول في عمله هذا أن يكرر ليالي الحلمية في أكثر من وجه، وبرغم ذلك أعتبره العمل الأكثر جمالا من ناحية الحكاية التي يتقن عكاشة التقاط تفاصيلها الدقيقة وبشكل حرفي رائع لا يمل)
الفخراني كل سنة يقنعنا باختياراته المميزة، فيما نور الشريف يبدو متذبذبا، وأقل ألقا.. أما النجم خالد صالح فله امتيازه في تاجر السعادة برغم هنات العمل كما أوردها البعض، فالتطويل أضر به على ما يبدو، ولكن لخالد صالح امتيازه في الأداء الجميل.
ثمة عمل مميز من ناحية الفكرة والإخراج، هو هدوء نسبي لشوقي الماجري، والحق يقال بأنها المرة الأولى التي يتحدث فيها عمل عما يعانيه الصحفيون والإعلاميون في ساعات الأزمات، والأجمل بطبيعة الحال هو الإخراج الجميل، ولا غرابة في ذلك فالماجري مخرج فذ ومغامر في خياراته عندما يستخدم ثماني كاميرات.
الملاحظ في أغلب الخيارات التي أقدمها هي أنها نتاج مصري أو أن المنتج المصري داخل بقوة فيها، وهذا ما يدل على أن الدراما المصرية قد أفاقت من غفوة السنوات الماضية، إضافة إلى أن الدراما السورية ليس لديها أطروحات كثيرة، ربما زمن العار لتيم الحسن ورشا شربتجي، أو شتاء ساخن، ولكنها تتراجع بقوة، فباب الحارة قد تراجع بشكل أقوى من السنة الماضية، وكما ذكرت سابقا: الاعتماد على الحكايات الشامية ومحاربة الفرنسيين قد سئم منه المتابع ما دام لم يحل فيه جديد، والحال هو كذلك مع الفنتازيا وحتى الدراما البدوية!
وإذا كانت الأزمة المالية قد أثرت كثيرا على السوريين فإنها من باب آخر أفادت المصريين، وأرجعتهم للصدارة.. ليس ذلك فحسب، بل أيضا أنهم استفادوا من دروس التقنية واستلهام الإخراج السينمائي الذي وضعه المخرجون الشاميون في دراماهم التلفزية، ولم يستسغه المصريون زمنا حتى جاء السوريون أنفسهم وقالوا لهم ذلك عمليا عبر وجود عدد منهم كمخرجين للأعمال المصرية، ووجود فنانين يؤدون البطولة بجدارة واستحقاق في أعمالهم السنوية.
أما الإنتاج الخليجي فيبدو واضحا عودة الكويت لمزاحمة الإمارات من ناحية الإنتاج، يتضح ذلك في أعمال: أم البنات، ومنيرة اللذين ذكر الكثيرون بأنهما من أبرز ما قدم في الإنتاج الخليجي، مع توجه آخرين للقول بأن قلوب للإيجار عمل مهم، وكذلك هوامير الصحراء..
كل هذه الأعمال لم أتابعها بشكل حقيقي، ربما لقطة أو حلقة في أحسن الأحوال، باستثناء المصراوية كما ذكرت أعلاه، وإذا كنا نريد في السلطنة أن نطور الدراما لنتابع الفنانين العرب كيف أنهم طوروا من إمكانياتهم الفنية ولم يتقوقعوا في قوقعة واحدة.

تعليقات

المشاركات الشائعة