التعليم مجددا
يظل موضوع التعليم موضوعا حساسا لما له من تأثير في المجتمع ليس الآن وإنما في قادم الأيام..
الدكتور عبد الله الحراصي قبل مدة فتح الموضوع بشكل مغاير، مطالبا المعنيين بأن يفكروا في مقدرة التعليم على تشكيل قدرة اقتصادية مستقبلية لا تنافس محليا وإنما على مستوى عربي وربما عالمي، إذا ما كان التعليم بطبيعة الحال ناجعا وفاعلا وقادرا على تلبية القدرة التنافسية في السوق.
لذا فإن وجود جامعة حكومية ثانية أمر يبدو ملحا بعد خمس وعشرين عاما على إنشاء الجامعة الحكومية الوحيدة، كما أنه مطلب تنافسي من أجل دفع الجامعات الخاصة إلى تحسين مستويات التعليم لديها بما يتواءم ومتطلبات المرحلة المقبلة.
أعتقد أن التعداد السكاني المقبل سيكشف لنا فعليا ضرورة أن تكون لدينا جامعة أخرى، أو على الأقل زيادة المنح والبعثات سواء الداخلية أو الخارجية بشكل أكبر بحيث ينال ما يقارب الثمانين بالمائة من مخرجات التعليم العام فرصا دراسية، ولا أقول مائة بالمائة، فثمة نسبة ينبغي أن تتوجه إلى القطاع الحرفي الذي ينمي المقدرات اليدوية والفنية الدنيا كقطاع الصيادين والمزارعين وأصحاب محلات الميكانيا والكهرباء والنجارة وغيرها أو ما يسميهم البعض في دول أخرى بمهارات الدبلومات الصناعية والزراعية، وهؤلاء لهم دور فاعل إن تم تدريبهم بشكل فاعل وجعلهم قوة قادرة على أن تسحب السوق من أيدي العمالة الوافدة.
حسنا..
الكلام السابق كان تعليقا يضاف إلى ما قاله الدكتور عبد الله الحراصي وإلى ما قاله آخرون في هذا الأمر، ولكنني أنشر هنا مقالا للدكتورة بدرية البشر، يتصل على نحو أو آخر بقطاع التربية والتعليم، ويمتد إلى ما هو أبعد من الخليج...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما قاله عمرو موسى صحيح
لم يكن من السهل عليّ وأنا أفتش عن مدرسة لأبنائي بعد انتقالي إلى دبي، الوصول إلى قرار صائب وحكيم، فقد ظننت، أنا القادمة من السعودية، أن التعليم هو خياران بين الأجنبي والعربي، الحكومي والخاص. وكانت طموحاتي في التعليم لا تتعدى معايير بسيطة، أهمها البعد عن التشدد، وخلق شخصية معاصرة، وإجادة الإنكليزية، واستخدام التقنية.
بعد ثلاث سنوات، وأنا أنقل ابنتي من مدرسة إلى مدرسة، اكتشفت أنني أنا من يعاني من أمية تعليمية، وأنني أنا من يحتاج الى الفهم والتطور. فقد اكتشفت نهاية العام الماضي أن هناك 109 مدارس خاصة في دبي، منها 49 مدرسة تعتمد المنهاج البريطاني، و30 مدرسة تتبع المنهاج الأميركي، و16 مدرسة تعتمد منهاج وزارة التربية والتعليم في الإمارات، و6 مدارس تتبع منهاج البكالوريا الدولية، و4 مدارس تعتمد المنهاج الفرنسي، و4 مدارس أخرى توفر مناهج متفرقة (ألماني وروسي وياباني وفيليبيني). وفي كل منهج مقررات دراسية وطرق تدريس ونظم وآليات مختلفة، وعليها فليتنافس المتنافسون.
وفي العام الماضي نشرت هيئة المعرفة والتنمية البشرية تقريرها السنوي، مشيرة إلى أن نتائج عمليات الرقابة في 189 مدرسة بدبي، كشفت عن أن 4 مدارس جاءت في فئة «مميز»، و66 في فئة «جيد»، و97 في فئة «مقبول» و22 في فئة «غير مقبول».
هذا التنافس العارم جعل مدارس كثيرة تشعر بالتهديد المستمر. كما أن طبيعة التركيبة السكانية لمدينة دبي التي يشكّل الوافدون جزءاً كبيراً منها قدموا من دول متقدمة مثل كندا وأميركا وبريطانيا، يجعل منهم رقباء على هذه المدارس التي تتعرض على الدوام للنقد والملاحظة وعدم الرضا، مقارنة بما عهدوه.
التعليم هو الاستثمار الحقيقي للمجتمع وللإنسان، وليس السعوديون وحدهم هم الذين يطمحون إلى تعليم متطوّر، فالعرب جميعهم، باختلاف مستويات تعليمهم، يعرفون أنهم يحتلون مراكز متأخرة. عمرو موسى، عندما سئل عن رأيه في التعليم العربي قال كلمة واحدة جامعة مانعة: «زي الزفت»! فلماذا وحدنا نحن السعوديين تثير لدينا حلقة مثل تطوير التعليم في مسلسل «طاش» كل هذه الضجة؟ ولماذا يعتبر تعليمنا - الذي ندرك نحن مَواطِن الضعف فيه أكثر من غيرنا، ويشهد على تخلفه القائمون – «تابو» يتعرّض كل من يقترب من حماه الى الرجم والتكفير؟ في بريطانيا التي يحتل تعليمها مركزاًعالمياً متقدماً، تنشر الصحف اليومية نقداً حاداً تجاهه، بينما نحن نغضب ممن يريد أن يخرج تعليمنا من القرن الماضي ليضعه في القرن الواحد والعشرين، نرفض أن نستمع الى صوت العقل والعلم، لأننا ننظر إلى تعليمنا كقضية سياسية وحزبية، ويُصنّف ناقدوه بأنهم من التغريبيين، فغدا تعليمنا متحزباً لكل شيء إلا للعلم
بدرية البشر
روائية وكاتبة سعودية مقيمة في مدينة دبي
تعليقات
إرسال تعليق