مساحة للتنفس

قبل عام بدأت في تكوين مدونة على موقع الجوجل، قائلا لنفسي إنها فكرة جديدة، لماذا لا أقوم بهذه التجربة؟ كان خوض مثل هذا الأمر مغريا وقتها، وكنت أقول إنه من المناسب جدا أن تكون لي صفحة خاصة على شبكة المعلومات، لأني كاتب، وأديب، وإعلامي ولي حتما مكانة في المجتمع! وتضخمت ذاتي واعتقدت أني سأفعل ما لم يفعله غيري، وأن مدونتي هذه ستكون بؤرة إلهام ونقطة ضوء!
لكن بعدما خبا ذلك التضخم الذاتي، عدت فسألت نفسي: أليس من المفروض أن تعبئ هذه المساحة بالكلام؟ أي كلام! الأدب، الكتابة الذاتية، الشتائم، كلام الآخرين، الأعمدة التي تكتبها ويكتبها الآخرون... إذ ليس من المنطقي أن تفتح لنفسك مدونة ولا تضع فيها شيئا، عيب عليك يا هلال أن تفعل هذا الأمر، فأنت لك قراء بكل تأكيد يسعون لمعرفة آخر أخبارك! (وعادت مجددا ذاتي للتضخم)
قلت لا بأس.. أنا لدي عمود اسمه علبة مسامير، وسأقوم بوضع كل المقالات التي أكتبها هنا في هذه المساحة، وسأضع المقالات الأخرى التي تنشر لي في شرفات أو أشرعة أو أفاق هنا، وسيكون لدي رصيد جيد من الكتابات..
وهذا ما حدث لمدة طويلة، حتى جاء العدوان على غزة، وبدأت اكتشف مساحة جديدة في المدونة لم أكتشفها من قبل، أو لم أرد أن أضع لها حسابا، فكتبت بعض التدوينات الخاصة بالمدونة التي لم أنشرها إلا عن طريق البريد الإلكتروني، وأيضا وضعت مقالين أو ثلاثة رفضت في كل من شرفات والزمن، ثم كتبت تدوينة أخرى عن مأساة مسرحية حصلت لأحد الأصدقاء تتطورت إلى مقال نشرته فيما بعد في أفاق بجريدة الشبيبة...
وكنت وقتها قد توقفت تماما عن مقالاتي في الزمن، ولم يعد لدي أي شيء لأضعه في المدونة، ولم يكن لي "نفس" لأن أمارس التدوين كما يفعل بعضهم ولو بصفة تكاد تكون يومية (بعضهم لا ينتهي من تدوينة حتى يدخل في أخرى دون أن يأخذ أي "نفس")
وأتذكر أنني في الشارقة من شهر أبريل الماضي كتبت آخر تدوينة في مدونتي السابقة التي أصبحت الآن أرشيفا لبعض المقالات التي لا أجد لها نسخا في جهاز الكمبيوتر...
مر وقت طويل حتى قررت أن أعود فأبني مدونتي بشكل جيد، وأن تكون هذه المساحة خاصة بذاتها، أكتب لها قبل أن أفكر في حشوها بمقالات قد أكون نشرتها في صحافتنا المحلية، أو بما أعجبني من الكتابات، والأطروحات.. مكتشفا أن لكل شيء خواصه، وخواص التدوين على الشبكة الافتراضية هو أن لا تضع لنفسك حدا معينا، بل يمكنك أن تكتب وتكتب دون أن تفكر في الخطوة التالية ما هي، وهكذا أردت لمدونتي في شكلها الجديد وعنوانها الجديد: الكتابة على الشبكة عندما يعن لي طارئ ما في داخلي، أن أكتب بين الحين والآخر عمودي الذي أوقفته في الزمن، بالمواصفات إياها التي وضعتها، وأيضا أن أشكل أشكالا تساعد على بقاء قدرتي الكتابية، إذ التدريب مهم جدا لأي كاتب كان، وهذه المساحة ستوفر هذا الأمر.
لا يهم إن كنت لا أطرح قضايا، أو أن أخالف التوقع سواء من اليمين أو اليسار، سواء من الموالاة أو المعارضة، سواء من الأسود أو الأبيض، إذ ما يهمني الآن هو أن أتنفس، وهذه المساحة هي مساحة للتنفس

تعليقات

  1. العَزيز هلال ..
    مباركٌ لك عودة مدونتك بحلّتها الجديدة

    أحببت إلقاء التحية
    وإخبارك أن هنالك من يقرأ لك ولو من بعيد

    بانتظار مساميرك وإذا تريد زيادة ترى عندي واجد بالبيت حتى تكاد تصدأ!

    سلامي ل"السنانير" الصغيرة
    ولأم إلياس

    ردحذف
  2. شيء واحد أكاد أكون متأكدا منه مائة بالمائة أنك الآن في إجازة ولذلك ترسلين البريد وتفتحين مدونة وتقرأين...
    هذا أمر جميل يا أيتها الشاعرة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة