شوارع جديدة وزحام لا ينتهي

لعله لا يكاد أسبوع يمر حتى نقرأ في يوم السبت خبرا، أعتبره جميلا، عن التطويرات التي تقوم بها بلدية مسقط في شوارع العاصمة مسقط الرئيسية وربما أيضا الفرعية

وخلال الأسابيع القليلة الماضية قرأنا عن مشروعات تطوير الشارع الذي يصل بين جسر الموالح إلى دوار بيت البركة، وقرأنا أيضا عن مشروع تطوير جسر العذيبة وتكبيره وقرأنا أيضا قبل أقل من أسبوع عن مشروع جديد هو تطوير جسر الغبرة وتكبيره.

وربما الأسابيع المقبلة نقرأ أخبارا جيدة من هذا النوع الذي يهدف إلى حل أزمة طالما عايشناها لسنوات، أزمة الزحام المروري المستشري في جسد العاصمة مسقط، والذي لم يعد مقتصرا على أوقات الذروة التي يتوجه فيها الناس إلى وظائفهم سواء في حي الوزارات بالخوير أو بالمنطقة التجارية في روي، بل بات شارع السلطان قابوس شارعا مزدحما طول اليوم، وما عاد أحد متحمسا لزيارة قريب أو الخروج من منزله إلا ملزما بأمر أو بحاجة

طبيعي جدا هذا الزحام، وطبيعي جدا أن يكون هناك تطوير، وهذا ما تقوم به بلدية مسقط وخاصة في الآونة الأخيرة، وبرغم أن أمر التطوير هذا بدا متأخرا إلى حد ما إلا أنه موجود الآن وقائم، وها هي معدات التعديل والتغيير قد باشرت أعمالها في عدد من المواقع، مع العلم أن مواقع أخرى قيد الانتهاء كالقرم مثلا

أعتبر الكلام السابق أشبه بمقدمة لكلام أهم، فليست مسقط وحدها في حاجة إلى تغيير وتطوير، بل معظم الحواضر العمانية: بركاء، المصنعة، السويق، الخابورة، صحم، صحار، أو بمعنى آخر كل خط الباطنة، والأمر إياه يقاس على مدن أخرى كنزوى وصور والبريمي وعبري وغيرها ممن دخلت في زحام مروري دائم خاصة أيام العطل والإجازات، وعليه فإن الصرف في قطاع الطرق بات أمرا أشبه بالمنتهي، المنتهي بالتأكيد على ضرورته، وعلى إيجاد الحلول الحقيقية والعملية، ولم يعد الانتظار في صالح عجلة التنمية، ولا في صالح المواطن أو البلاد

العمانيون اليوم ينتظرون مشروع الخط الساحلي بفارغ الصبر، وينتظرون مشروعا آخر هو الطريق الجنوبي السريع، ومشروع القطار كذلك، لأنهم يبحثون عن حل لأزمة المرور الدائمة، أزمة الطرق والزحام غير المنتهي فيها، يريدون أن يقضوا مصالحهم ولا يجدون طرقا جيدة وصالحة لذلك، إلا طريقا واحدا، والمحصلة الأخيرة هي زيادة عدد الوفيات على الطرق، وكذلك تغير طباع الإنسان العماني من الوداعة التي طالما أشيد بها إلى الأعصاب المشدودة على آخرها وعدم "طول البال"

ربما واحدة من مشكلات الطرق في بلادنا هي الثقافة التي وجدنا أننا ننميها، ثقافة عدم إيجاد بدائل منطقية للسيارات الكثيرة، كالمواصلات العامة والحافلات وسيارات الأجرة. هذه الثقافة التي تعلي من قيمة "كل فرد بسيارته" أوجدتها ظروف متعددة: عدم وجود مواصلات عامة حقيقية في البلاد، سهولة الحصول على رخصة قيادة وعلى سيارة كذلك، التمركز في أماكن بعينها كالعاصمة أو عواصم المناطق والمحافظات

وقد تبدو هذه هي المعضلة الأساس التي مهما حاولت الجهات المهنية حلها بإيجاد طرق جديدة فإنها لن تحل من أزمة الازدحام، ويبدو أن الحل الحقيقي يتمثل في الصرامة لإيجاد حل جذري لأزمة الزحام المتواصل، فمثلا إنشاء شبكة مواصلات عامة (حافلات حديثة ومتطورة) دقيقة في مواعيدها بنسبة كبيرة، نظيفة وجاذبة، مع وجود مواقف عامة مكيفة وطاردة للحرارة أيضا في مناطق الكثافة سيسهم بشكل كبير في الحل، خاصة أن جالية كبيرة من الوافدين معتادة على النقل العام، ولن تجد غضاضة في استثمارها هنا في الغربة، ولا أعتقد أن العمانيين سيعزفون عن مثل هذه الخدمة، فما أعرفه جيدا أن كثيرا من الموظفين يأتون يوميا من بلدانهم في حافلات استأجروها، وهذا أمر جيد في كل الأحوال.

إذن علينا جميعا أن نفكر في حل أزمتنا، وعلى الجهات المعنية أن تساهم بطريقة أساسية في إيجاد البدائل، ولا أظن أن مشروع "المترو" هو حلم يراودني وحدي بل يشاركني فيه كثيرون، خاصة إذا ما نظرنا إلى مسقط بعد عشر سنوات من الآن، وبأن الشوارع التي ستفتتح فيها عما قريب لن تحل كل المشكلة، فالزيادة السكانية أمر طبيعي جدا، وهذا ما علينا أن نحسب حسابه في نظرتنا للغد.

تعليقات

المشاركات الشائعة