بيان حول إلغاء أسر النادي الثقافي

كان لأسر النادي الثقافي المختلفة دور بارز في إثراء الحراك الثقافي والإبداعي في سلطنة عُمان ، حتى باتت اليوم ملتصقة بالنادي كواحدة من أهم انجازاته على مدى تاريخه منذ إنشائه سنة 1984 .. وكان لبعض هذه الأسر، دور في صياغة ذلك التاريخ والإرث الثقافي، ويكفي أنها – أي الأسر – رسخت لمبدأ قراءة الأعمال الأدبية شعرا وقصة ورواية نقديا ، وفرز الصالح منها من الطالح ، وأسهمت في تشجيع الكتابة الأدبية بشكل ملحوظ ، مما أفرز أسماء شابة طموحة هي اليوم من يشكل المشهد الشعري والقصصي والروائي في السلطنة .. لقد كانت هذه الأسر تجسيداً للتعاون والتكامل بين المؤسسة الثقافية الحكومية والمثقف العماني ، فقد كانت تنتخب من المثقفين أنفسهم وهم الذي يقرون برامجها وفعالياتها وأنشطتها ، ويحاسبون إداراتها على التقصير إن وُجِد .. وفي وقت يطالب فيه المثقف بالديمقراطية وإشراكه في قرارات المؤسسات الحكومية المعنية بالثقافة كانت هذه الأسر أحد الأمثلة البسيطة على هذه الديمقراطية .

وها نحن نفاجأ اليوم - وفي الوقت نفسه الذي يعلن فيه النادي الثقافي عن تنظيم محاضرة عن الديمقراطية ومستقبلها في الخليج - يضرب بهذه الديمقراطية عرض الحائط ويُعلن في الصحف عن إلغاء آخر أسرتين في النادي وهما أسرتا الشعر والقصة بدون مشورة أعضائهما ، بعد أن فعل الشيء نفسه قبل أكثر من عام مع أسرة الترجمة التي ألغاها رغم الحراك الثقافي الذي قدمته .

إننا الموقعين أدناه نستنكر قيام إدارة النادي الثقافي بإلغاء هذه الأسر الفاعلة دون إعطاء أسباب منطقية لمثل هذا الفعل، ودون أن يتم إعلام أعضاء تلك الأسر والعاملين فيها بمثل هذا التصرف الأحادي

وإذا كنا نرحب بالأفكار الجديدة وبالتطوير الذي هو ديدن الحياة فإننا نشدد أنه لا ينبغي أن يكون هذا التطوير شماعة لإلغاء المشاريع الثقافية الطموحة الناجحة ، والبدء مرة أخرى من الصفر .. إن الأفكار الجديدة ينبغي أن تتواءم وتاريخ الانجاز الثقافي لا أن تلغيه خاصة إن كنا ندرك أن سبب الإلغاء هو أن الإدارة الحالية لا تريد أن تدخل في مجادلات ثقافية مع أي أحد من المشتغلين في تلك الأسر، طالما أنهم متطلبون في نظر إدارة النادي الثقافي ويقترحون جداول عمل ثقافية لا تتفق وفهم هذه الإدارة، وهذا أمر بالغ الخطورة: أن يضيق أفق الحوار وتتسع الهوة بين المثقفين وإدارات الفعل الثقافي لعدم وجود إيمان بمثل هذا الحوار، كما أنه مؤشر خطير على عودة الإنفراد بالقرار الثقافي في بلاد تحتفل اليوم بعيد نهضتها الأربعين، فهل نريد العودة إلى ما قبل أربعين عاما؟ هل نود التراجع إلى الخلف فيما نحن مطالبون بالاستمرار في التخلص من أعباء السنوات المنغلقة على ذاتها؟ مطالبون بالخروج بعمان إلى مناطق أرحب وأكثر إشراقا كما يريد لها باني نهضتها المعاصرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله ورعاه؟

لقد كان للأسر المشطوبة حاليا من النادي الثقافي حضور مكثف في السنوات الماضية، ويمكننا أن نشير إلى إنجازات أسرة كتاب القصة، وهي الأسرة الأعرق من بين الأسر (القصة، الشعر، الترجمة، وكانت هناك أسرة الكاتبات، والأسرة العلمية) :

- إشهارها - أي أسرة القصة - كأول أسرة تابعة للنادي الثقافي والقيام بالعديد من الفعاليات الثقافية المعنية بالسرد الذي هو جزء لا يتجزأ من الفعل الثقافي

- ساعدت في ترسيخ عادات ثقافية جديدة تتمثل في إبراز دور النقد والتحليق حول النقاش والحوار

- إقامة ملتقيات قصصية عربية ساهمت في التعريف بالقاص العماني خارجياً ، كان آخرها الملتقى القصصي العربي الذي استضافته الأسرة في ديسمبر 2005 واستضاف أسماء سردية عربية معروفة مثل إبراهيم عبد المجيد من مصر وعبده خال من السعودية ، وصلاح عبداللطيف من العراق . وهو الملتقى الذي حاولت الأسرة تكراره مرتين في عهد إدارة النادي الحالية وكانت دائما تصطدم بحجة الموازنة المالية .

- نشر إصدار يؤسس لحراك نقدي لأكثر من أمسية قصصية ويؤكد على الحضور الفاعل لمثل هذه الأسرة

- لم تكف إدارات أسرة كتاب القصة الثلاث الماضية، برغم تمايزها في العمل، عن إقامة الفعاليات التي تجسد الحراك الإبداعي في القصة القصيرة بالسلطنة، مما ساهم بشكل أو بآخر في إيجاد لحمة بين المبدعين في هذا المجال ونقاش متواصل حول الكتابة والإبداع، وهو بدوره أمر ساهم في ظهور مبدعين لا يمكن إطلاق صفة المحلية عليهم حيث حققوا إنجازات عربية متعددة، مما وضع اسم السلطنة ثقافيا ضمن خريطة الثقافة العربية مجملا

وإذا كانت هناك إنجازات توضع في تاريخ أسرة كتاب القصة والنادي الثقافي المشرف عليها عبر السنوات الماضية؛ فإن أسرة الشعر المتشكلة في العام 2005 شكلت حضورها الخاص أيضا، وكثفت من الفعاليات المعنية بالشعر والاحتفاء به في بلد يفتخر بكثرة شعرائه ، وليس أدل على ذلك من الفعاليات التي قدمها طوال العامين الماضيين ومن تحرك الشعراء لتشكيل حالة ثقافية معنية بالشعر في بلد، كما ذكرنا، يحتفي بالشعر والشعراء أيما احتفاء

ولولا تدخلات مريرة وعرقلات واضحة في حق أسرة الترجمة التي كانت واحدة من ثمرات الإدارة الحالية، لوجدنا أنها اليوم تقدم حراكها الخاص المنصب في الترجمة وتفعيل الحضور الترجمي بالسلطنة

ولكن كما ذكرنا بأن تعارض الأفكار والعراقيل المتواصلة هي ما أجهض حلم هذه الأسرة الوليدة، برغم معرفتنا أن أعضاءها من أنشط الشباب الذين يريدون تشكيل حالة ثقافية مغايرة

وإذا كان التحجج بأن إدارات هذه الأسر غير فاعلة و"كسولة" فإن الفعل الديمقراطي السليم هو الاجتماع بأفرادها وحثهم على إيجاد حلول لمشكلاتهم دون تصرفات تبدو غير منسجمة مع متطلبات المرحلة المقبلة من تاريخ بلادنا المعطاء، وتبدو غير متوافقة مع مقولات الشراكة والفعل الديمقراطي وعدم الانفراد بالرأي

وإننا هنا نسترشد بتوجهات حكومتنا الرشيدة التي تريد مشاركة أبناء المجتمع العماني جميعهم في الدفع بحركة التنمية إلى الأمام، وهذا لا يتأتى في ظل معطيات كالتي نشهدها حاليا في النادي الثقافي الذي نذكر إدارته الحالية بأنها عينت لصالح خدمة الثقافة العمانية بما لا يسيء لها أو ينتقص من قيمة الفعل الثقافي فيها

كما أن الأفكار الجديدة لا ينبغي أن تلغي ما سبقها بل أن تعمل بجوارها بما يخدم المجتمع والثقافة، لا أن يتعارض معها، ثم إن في التعددية تفاعل أكبر وأكثر وكله يصب في مصلحة الوطن والناس.

إننا ندعو إدارة النادي الثقافي الى النظر مليا في قراراتها: هل تصب في صالح الحراك الثقافي أم لا؟ فإن كان الهدف هو الحراك الثقافي فعليها، هذه الإدارة، أن تجلس إلى الأسر وأعضائها وتناقشهم في المخططات الثقافية المراد تطبيقها لأنهم المعنيون بها ، ولأن هذه الإدارة ما عينت إلا لخدمة الوسط الثقافي والإبداعي دون أن يكون من ضمن أهداف تشكيلها عرقلة أي عمل ثقافي يصب في خدمة المجتمع، ولا إبعاد المثقفين عن ناديهم الذي أسس لصالح فكرة العمل الثقافي الخادم للمجتمع أولا وأخيرا.

الموقعون:


- هلال البادي

- الخطاب المزروعي

- جابر الرواحي

- محمد بن سيف الرحبي

- ناصر البدري

- حمود الشكيلي

- مازن حبيب

- محمد عيد العريمي

- مبارك العامري

- علي المعمري

- الدكتور يونس الأخزمي

- خليفة بن سلطان العبري

- زهران القاسمي

- بدرية الإسماعيلي

- خالد عثمان

- طلال الربيعي

- رحمة المغيزوي

- يونس الحراصي

- لينا عبد الله البلوشي

- جمال الغيلاني

- سعيد الحاتمي

- حنان المنذري

- أحمد البحري

- عوض اللويهي

- عبد العزيز الفارسي

- هدى الجهوري

- أحمد بن هلال العبري

- خالد بن علي المعمري

- عقيل اللواتي

- لمياء الحراصي

- يعقوب الخنبشي

- محمد الشحري

- حمود الراشدي

- عائشة السيفي

- يونس البوسعيدي
- يحيى سلام المنذري
- ناصر المنجي
- الدكتور/ محمد مبارك العريمي
- بدر الجهوري
- منتظر الموسوي
- علي الزويدي
- نبهان الحنشي
- عمار المعمري
- جمال النوفلي
- علي الأنصاري
هذا بيان صادر عن الموقعين أعلاه والذين هم قابلين للزيادة، وهو متعلق بما يحدث حاليا في النادي الثقافي من قبل إدارته التي قامت بشطب الأسر ذات التاريخ الفاعلة في الحراك الثقافي لمجرد أن بعضهم لا يؤمن بالرأي الآخر
البيان ينشر في الصحف غدا بإذن الله وسيتم تنظيم حملة إلكترونية متواصلة ضد هذا التصرف غير الديمقراطي
وفي حالة أراد أحد وضع اسمه فعليه إخطاري بذلك

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة