مساء التأمل، مساء المسرح الجميل

قبل قليل عدت من الجامعة، بعدما شاهدت عرضا مسرحيا جميلا للصديق حمود الجابري الذي يواصل تألقه وهذه المرة في الإخراج
وبرغم مشاكسات تيم وإلياس إلا أنني فعليا اسمتعت بالعرض الجميل، وكم كنت مشفقا على حال حمود فالعروض الرديئة التي شاهدتها حتى الآن أزكمت روحي، واصابتني بالصداع، ومن ضمنها العرض الذي حمل اسمي: حكاية اثنين، حمله كمؤلف بالطبع
ولكن العرض كان جميلا، وقد اشتغل حمود جيدا على الممثلين، وهذا هو الأساس الأول للعملية الإخراجية، فليس المهم التقنية السينوغرافية أو الديكور، بمقدار حركة الممثل وأدائه على المنصة
وبرغم أن الغالبية كانوا قد قدموا أعمالا سابقة، إلا أنهم أبدعوا في هذا العمل، الذي يعد واحدا من إبداعات المسرحي الراحل قاسم محمد الذي توفي في مايو الماضي بإمارة الشارقة، بعد أن قدم نتاجا مسرحيا لا يعرفه الكثيرون
هذا الجمال الذي قدمه حمود الجابري ليس غريبا عليه، فهو مذ عرفته في عام 1998م، وهو يبحث عن لحظة الإبداع الخالصة والخاصة به، ليس على صعيد المسرح فحسب، بل الشعر والقصة والكتابة المسرحية
وكنا نختلف كثيرا ونتناقش وأحيانا بحدة، وفي كل مرة يتأكد لكلينا أن هذا هو السبيل كي نجد مساحة أرحب للإبداع، فالاتفاق لن يزيدنا شيئا، بمقدار الاختلاف، وهذا ما كنت أحبه فيه: أن نختلف ولا نفقد قدرتنا على أن نكون أصدقاء
وعودة إلى المهرجان السادس بالجامعة، الذي يعد بادرة مميزة، وبرغم ذلك إلا أنه مهرجانا بعد مهرجان آخذ في الذبول إلا من بعض المبدعين، وهذا ليس لعدم وجود منصة أو دعم للنشاط (رغم أني أعلم تمام العلم بأن ثمة إشكالات أدت إلى تأخيره وتغيير مكانه، وإضافة إلى ذلك لم يكن هناك كثيرون من العاملين في مجال النشاط الطلابي مؤمنين بالفكرة، حتى إن كان هذا واجبهم كي ينموا قدرات الطلاب ويساهموا في إعطائهم جرعات معرفية إضافية ومختلفة)
إنما يرجع السبب كما أراه في الجيل الجديد الذي بدأ يختلف جذرا عمن سبقه، فهو أقرب إلى السطحية، وهو لا يشتغل بجد أو يجتهد كي ينمي من مدركاته الأخرى غير الدراسية، بل إن الدراسة هي شهادة فقط، وليس معرفة، وهذه مشكلة كبرى تواجه المجتمع، فالاستسهال لا يجر سوى جيل رخو ضعيف، غير قادر على مجابهة ما يمكن أن يحدث بعد حين، وما ادراك ما قد يحدث بعد حين؟ النفط والرفاهية التي تنعم بها الحكومة على الشعب آيلة إلى السراب، والرحيل، وسيصبح من السهل حينها أن نجد أمة غير قادرة على أن تعبر إلى المستقبل بشكل مريح
للأسف الشديد هذه النظرة السواء التي أحملها لا تنطلق إلا من الأفعال التي أراها والتجارب التي أشاهدها أمامي، فجيل لا يقرأ ولا يبحث عن المعرفة جيل ضعيف أمام أي هزة، لذا ليست القضية ضعف الأداء المسرحي، أو ضيق أفق العرض، بل في قدرتنا على أن نقرأ ونقرأ ونفكر بجدية
والحديث بكل تأكيد يطول ويطول.

تعليقات

المشاركات الشائعة