(ريموت كونترول)

منذ العام الفائت كنت قد بدأت أتجاهل متابعة التلفزيون العماني إلا في وقت أذان المغرب، حيث نجلس في انتظار إعلان الفطور، كان ذلك هو الوقت الوحيد غالبا الذي أكون مركزا فيه مع التلفزيون العماني، إذ بوقت الأذان يتأكد لنا الفطور

ما عدا ذلك الوقت ما كان هناك مجال لأن أفتح على هذه القناة، وهذا ليس سخطا كما هو حادث لدى كثير ممن أعرف، بل هو فعل لا إرادي يحدث عند شخص مثلي يبحث عما هو جيد بالنسبة له، وقطاع الفضائيات كالمنتجات التي في الأسواق، منها ما هو عماني ومنها ما هو غير ذلك، فإن أثبت العماني جودته وقدرته على المنافسة كان الإقبال عليه والحمد لله أن هناك منتجات عمانية كثيرة باتت تنافس وبشكل كبير منتجات جاءت من خارج الحدود

الأمر ينبغي أن ينطبق أيضا على سوق الإعلام، خاصة فيما يتعلق بالدراما التي ما زالت تثير حفيظة كثير من العمانيين، وسيما هذا العام، وصدقا أقول لكم أيها الأخوة يا أبناء وطني بأنكم أنتم الملامون أولا وأخيرا، وليس من قام بصناعة هذه الدراما التي هي منتج في آخر المطاف تنطبق عليه الاشتراطات إياها التي تنطبق على منتجات أخرى.

دعوني أوضح لكم أكثر: في وقت من الأوقات بات المواطن العربي من المحيط إلى الخليج ينجذب إلى الأعمال الدرامية الشامية التي أزاحت الدراما المصرية عن عرشها، ولم يستطع الإنتاج الخليجي على إمكانياته الواعدة أن ينافس إلا في السنوات الأخيرة، وبات أيضا يشكل عبئا على المنتج الدرامي المصري، فماذا فعل أصحاب الإنتاج المصري؟ هل قالوا بأن لنا تاريخا وعراقة وبأننا الأصل وسيعود إلينا المتابع لأننا ننبع من ذلك التاريخ العريق؟ لا أظن أن هذا كان سببا كافيا لأن يشعر المتابع العربي بضرورة متابعة الدراما المصرية، في ظل نهوض شامي/ خليجي، وفي ظل تزاحم فضائي مهول في السنوات الأخيرة، فماذا فعلوا كي يعودوا فعليا؟ أولا قامت القنوات التابعة للتلفزيون المصري بكسر الحصار أو الحصرية وذلك في السنة الماضية مما أوجع كثيرا من القنوات الخاصة، وجعلها تفكر بطرق جديدة لإثبات قوتها في هذا المضمار، ثم قام الإنتاج المصري ـ ومنذ مدة ـ باستجلاب عناصر النجاح أو لنقل أسباب نجاح الدراما العربية من سورية بالتحديد، ليس على مستوى التمثيل بل أيضا على مستوى الإخراج، وهو ما عنى ضمنا تشكيل خطر على مستقبل الفنان المصري إن لم يعمد إلى تطوير ملكاته الإبداعية، وهذا ما حصل خلال رمضان من هذا العام، فأفضل النتاج الدرامي قد جاء من مصر، مزيحا بذلك إنتاجات عربية في سورية والخليج برغم قوة الإنتاج في الجهتين

سيقول لي أحدكم بأنك مخطئ وسأقول له عليك أن تشاهد التغييرات العريضة التي تمت في الإنتاج المصري هذا العام، ليس على مستوى الأفكار المطروحة فحسب، بل أيضا على مستويات الأداء والتصوير والإخراج الذي لأول مرة أخذ يستفيد من تقنيات التصوير والقطع السينمائي في بادرة ستحسب بكل حال للدراما العربية.

أقول هذا الكلام لأبين وجه الفرق بين ما يحدث لدينا وما يحدث في الجوار منا، فنحن لا نحاول أن نتغير إلا قليلا، ولا نستفيد لأننا نعتقد أننا من الجودة بمكان، فيما الواقع يناقض هذا الاعتقاد، وليس هناك من دليل واضح أكثر من الأخطاء التي باتت قاعدة سنوية في الأعمال الدرامية، وهي أخطاء في الأساسيات وليس في الفكرة أو المضمون، ولكن هذا لا يهم ما دام هناك مشاهد سيشاهد ومهما انتقد واستاء فإنه ماض في المتابعة وكأنه فقد جهاز التحكم أو ما نسميه (ريموت كونترول) وكأن هذا المتابع أيضا ملزم على أن يأكل ما يطبخ له، وليس بيده خيار الاختيار، وفعليا أحس أنه هو من اختار أن يكون كذلك وأن يتخلى عن جهاز (الريموت الكنترول) الخاص به.