هر كسول

لا أعرف

منذ مدة وشعور غامض يتسرب إليّ بأن لا جدوى من كل ما نفعله، وكأنني لا أريد أن أعيش، أو كأنني سئمت هذه الرتابة في هذي الحياة، الحياة مملة وسخيفة، مملة إلى الحد الذي يجعلني أصبح هرا لا يريد سوى أن ينام، ولا تغريه أي حركة تدور حوله، أصبح كحيوان كسول لا يريد أن يتحرك قيد أنملة، لا يريد أن يرفع قوائمه فيذهب إلى فريسة مفترضة، أو ورقة شجر يمكن أن يلتهمها

وسخيفة أيضا بما فيها من رتابة واختفاء للمحفزات التي تشحن المرء بالحياة، إذ فجأة تختفي تلك المحفزات، وتبدو كل الأشياء في كفة واحدة بلا معنى ولا قيمة، تبدو فاترة وغير مشجعة لأن يتحرك اتجاهها الإنسان

اعتقد جازما بأنه من الضروري جدا في مثل هذه الحالة أن يبحث المرء عما قد يشعل جذوة الرغبة في الحياة من جديد، وقد تبدو تلك الجذوة موجودة في كتاب ما، ولكنني حتى الآن لم أعثر عليه، برغم وجود كتب عديدة ما زالت في صف الانتظار، انتظار أن أبدأ في قراءتها

فعليا أقرأ حاليا رواية لإبراهيم الكوني، نداء ما كان بعيدا، ولكنها لم تثر في حماسة لأي شيء، مع أنني إلى حد ما أجد فيها متعة قراءة، ولكنها ليست من نوع روايات ميلان كونديرا التي تشجعل داخلي كل رغبة لاقتراف أي فعل ولو كان ساذجا أو أحمق

ربما لست في مزاج قراءة الروايات بعد مدة من قراءتي لكتاب جيد مختلف، كان هو صدام مر من هنا، العراق من حرب إلى حرب الذي ذكرته منذ مدة في كتابة ما، ولربما كان ذلك الكتاب وحده الذي جعلني أزداد فتورا تجاه الوضع القائم في حياتنا، وانا لا أحتاج إلا إلى مثل هذا النوع من الرؤية السوداء كي أزداد ازدراء للحياة وأتحول إلى مثل ذلك الهر الكسول الذي لن يثيره ولا مائة فأر

أعتقد أيضا أن كل الأحداث المتجاورة زمنيا المحيطة بي قد تفعل مثل هذا الفعل في المرء، في إنسان بطبيعته مزاجي ورغباته في الحياة فاترة منذ أمد مثلي، أوضاع البلاد مثلا، لا تجعل المرء قادرا على الرغبة في الحياة، بل تحوله إلى كتلة من الحزن وفي مثل حالتي: كتلة من البرود وعدم المبالاة

إلا أنني وأنا أكتب هذه الكلمات أحاول أن أخرج من هذا المزاج إلى آخر يشحنني بالعودة إلى الحياة مجددا، وربما فعل ناصر البدري خيرا بمكالمته اليوم، وبأنه استطاع أن يصوغ الأفكار التي كانت تدور في ذهني إلى مشروع ستتضح ملامحه قريبا، ولحسن الحظ أنني لم أخذله هذه المرة، فهذا الرجل ـ وقليلون أمثاله ـ نادر الحدوث في بلادنا

عموما هذا حديث آخر قد أعود إليه لاحقا

يبقى انني أحاول في تدوينتي هذه أن أعاود تشبثي بالحياة من جديد بعد فتور عدة أشهور ومحاصرة أحداث غبية وتصرفات أغبى سواء شخصية أو عامة، لا تحدث إلا في منطق الحماقة فقط، في بلاد لا تعرف إلى أين تذهب.

تعليقات

المشاركات الشائعة