عن
جمعية الصحفيين أتحدث
بعد
عشر سنين أو أكثر بقليل نكتشف في عمان سخافة ما سمي بمنظمات المجتمع المدني،
السخافة هنا منبعها ليس مسمى "منظمات" أو "مجتمع مدني" ولا
أنها خانعة لتوجه حكومي لا سمح الله، فالحكومة قد فتحت الباب، وأعطت كل الصلاحيات
ولم تتدخل مطلقا في نشوء وعمل هذه المنظمات، أو الجمعيات وفق الصيغة الرسمية
المعتمدة من قبل وزارة التنمية المخولة بإشهار واعتماد ومراقبة أي جمعية من
الجمعيات التي تقوم بإشهارها، ولا أظن أن الحكومة ستفكر بالتدخل في شئون هذه
الجمعيات، لأنها تساندها، وتساند جهودها في التنمية التي بدأت منذ أكثر من أربعين
سنة، وما زلنا حتى اليوم نعيش ثمارها، وهي بالمناسبة ثمار ينبغي أن نأكلها على
تؤدة، فليس من الحميد مطلقا أن نغص بها فنموت وتموت الأجيال التالية.
السخافة
منبعها فعليا أن هذه الجمعيات، منظمات العمل المدني، لم تقم بما ينبغي عليها أن
تقوم به، لم تفعل إلا أن تكرس صورة سلبية بغيضة عن مفهوم العمل المدني، الذي يفترض
التضحية والعمل الدؤوب من أجل صالح الفئات التي أشهرت باسمهم تلك الجمعيات.
سيقفز
أحدهم الآن أمام عينيّ مباشرة ويقول: أنت دائما تعمم، وتحاول أن تشمل بأحاديثك
الجميع، إذ إن كلامك لا يمت لأرض الواقع بصلة، فهناك جمعيات تستحق الشكر
والامتنان، ولها دور طليعي في حقلها الذي اختصت به، كجمعية البيئة، أو جمعية
التدخل المبكر، أو السرطان، أو القلب، أو حتى الجمعيات التي تم إشهارها مؤخرا من
مثل جمعية التوحد.
معك
حق يا من قفزت أمام عيني مباشرة، لا ينبغي أن أعمم، ولذلك فإن كلامي لا يشمل كل
جمعيات المجتمع المدني، ولا يختص إلا بجمعيات معينة، أكمل بعضها أكثر من عشر سنين،
بدت عجافا ولا أمل يلوح في الأفق بالسنين السمان.
لعلكم
أيقنتم أي جمعيات أقصد، وهي من كثر في حقها الحديث، والمطالبات بتعديل حالها، هذا
الحال الذي حتى اللحظة لا يبدو أن سيتحول من حالة النصب إلى حالة الرفع أو على أقل
تقدير السكون المريح
سأترك
الجمعية العمانية للكتاب والأدباء لا لأنها الأقرب لي من حيث اختصاصها، بل لأنها
في سنواتها السبع أثبتت أن الفعل الديمقراطي يحتاج إلى قلوب جسورة، وبأن مفهوم
المثقف والتنويري يبدأ من الإيمان بما ينادي به، وبرغم عضويتي التي علقتها
باختياري، والتي لا أنتوي تفعيلها لأسباب لا علاقة لإدارات الجمعية المتلاحقة أي
دخل فيها، علما بأن مشكلات إداراتها المتتابعة موجودة أيضا، ولا يمكن نفيها، ولكن
كل إدارة تأتي ترحل بعد حين مع تحية كبيرة ومحبة غامرة لأعضائها، إلا فيما ندر،
ترحل وقد أنجزت بعضا مما وعدت به، أو قامت ببعض ما لا ينبغي أن تفعله من اجتهاد قد
يكون ارتأت أنه مفيد ويعم بالخير على أعضاء الجمعية والكتاب والأدباء في عموم
السلطنة.
وأيضا
سأترك الجمعية العمانية للمسرح التي تدخل سنة خامسة وقد عصفت بها المشاكل والأزمات
حتى حلت آخر إدارة منتخبة من قبل وزير التنمية وقرر تشكيل إدارة مؤقتة كانت مهمتها
الأولى والأهم أن تجمع المسرحيين على قبل رجل واحد، وهي مهمة عسيرة إذا ما أدركنا
حجم مأساة الكرسي الذي أراده البعض حكرا عليه، مهمة ليست سهلة في ظل التراشق
الضمني الذي يعيشه المسرحيون فيما بينهم
خمس
سنوات كانت كفيلة بإشاعة الزهد في فن المسرح، وهو زهد انتقل من الحكومة إلى
المسرحيين أنفسهم، ليظل المسرح أبو الفنون في خانة متنائية.
ولذا
تبدو الإدارة الحالية التي لم تنتخب إنما تم تزكيتها في مهمة عسيرة في القيام بفعل
يجعل الجمعية في خانة الرضا لدى منتسبيها، ومع أنني لست متفائلا جدا بمستقبل هذه
الجمعية بالذات، لكنني أرفع يدي بالدعاء الصادق لكل الأعضاء المنتسبين إليها،
ولإدارتها، وهم جميعا أصدقاء لهم كل الحب والامتنان.
أما
الجمعية العمانية للسينما فهي الجمعية الضبابية التي لا يعرف أحد عنها أي شيء سوى
ذلك المهرجان الذي يقام كل عامين، مهرجان يبدو ضئيلا أمام مهرجانات تقام في دول
إمكانياتها أقل بكثير من السلطنة، ولكن الفكرة ليست في إقامة مهرجان، بل الفكرة في
الفن ذاته، في فهمه، ومعرفة طبيعته، وليس في إقامة مهرجانات من أجل أن يقال بأن
لدينا مهرجان.
جمعية
تتشارك مع جمعية الصحفيين العمانية في كونها رمت بمفهوم الانتخاب الحقيقي، بمفهوم
الديمقراطية، عرض الحائط، ولولا معرفتي بأن أعضاء الجمعية العمانية للسينما
منعزلون، لم يدخل بينهم أعضاء يمكن لهم أن يؤثروا، ولولا معرفتي بأن السينما فن ما
يزال عصيا على المجتمع العماني، لكنت قلت بأن الوضع مقلق، لكنها جمعية تمارس عملها
الانتقائي في عتمة، ولا أحد مستعد للدخول إليها من أجل إحداث تغيير، خاصة من جيل
من يفترض بهم أنهم سينمائيون، فهؤلاء يظهرون ثم يخفتون مثل الجمعية تماما.
لكن
جمعية الصحفيين العمانية، أو جمعية الخالدين وذلك كما يسميها البعض في وسائل
التواصل الاجتماعي، فهي الجمعية الأكثر التي يتم الحديث عنها، لا لإنجاز قدمته،
ولا لفعل تنويري قامت به، ولا لأنها ارتقت بالعمل الصحفي في السلطنة، وهي لم تقم
بذلك فعليا، بل لأنها لم تقم بشيء أكثر من الإساءة للعمل الصحفي والصحافة في
السلطنة، مع إدراكي التام لمشكلات العمل الصحفي في البلاد، والذي تبدو أول مشكلاته
في ممارسي المهنة ذاتها.
هذه
الجمعية، جمعية الخالدين، لم تفعل أكثر من تأكيد سوءات من يمتلكون القدرة على
إمساك القلم، الذين يراهن عليهم المجتمع كثيرا في مؤازرتهم برفع الأذى عنه، غير
مدرك هذا المجتمع أن مثل جمعية الخالدين تساهم في إذائه بشكل كبير.
وطوال
عشر سنين لم تكن المشكلة في وجود أسماء بعينها في إدارة الجمعية، بل في إصرار هذه
الأسماء على أنها تفعل الصواب، وليس غير الصواب، وإذا ما قال أحدهم رأيا، انبرت
الأقلام، أقلام أعضاء مجلس الإدارة، في شن الهجوم تلو الهجوم وبلغة متشنجة بعيدة
عن اللياقة التي ينبغي أن يتحلى بها الصحفي فعلا، كلما قال أحدهم رأيا جاءت التهم
الجاهزة وأسلوب المن المؤذي، والعنترية الفارغة، ثم إذا ما تقهقر حسابهم في موقع
التويتر، قالوا الحساب مخترق!
ألا
يعي أمثال هؤلاء أن هذا الفعل لا يجعلهم إلا أضحوكة؟ علكة في الفم؟ وللأسف ليس فما
عمانيا! ألا يدركون أن الركض وراء أصحاب المناصب والمال لن يقدم في دنياهم ولن
يؤخر؟ فلماذا كل هذا التراقص على لا شيء؟
هذه
المرة ماذا ستقولون؟ أنكم علمتوني الصحافة؟ أنكم دفعتم للمحامي كي أخرج من الحبس
في قضية مقال كتبته؟ ستعيرونني بأني ذهبت في رحلة أقمتموها؟ مع العلم أن منظم
الرحلة الفعلي ليس أنتم، ماذا أنتم فاعلون؟ لتقولوا أنني لا أجيد الكتابة؟ وبأنني
"بتاع" الأدب ولا دخل لي في الصحافة والإعلام، ثم قولوا بأن الحساب قد
تم اختراقه للأسف الشديد.
مثل
هذه الجمعية لا يمكن لها أن تمثلني، نظرا لما يقوم به مجلس الإدارة من تصرفات لا
تخدم الصحافة ولا الصحفيين، وكل اعتمادهم في انتخاباتهم على نسبة لا يستهان بها من
العاملين في الصحافة من غير العمانيين، فيما العمانيون العاملون في الحقل الصحفي
ينفرون من هذه الجمعية، ومن الانضمام إليها، وللأسف الشديد فإن هذا النفور هو ما
جعل من نسبة من يحق لهم التصويت من غير العمانيين نسبة تكاد تصل إلى الثمانين
بالمائة، إن لم تكن أكثر، وهو وضع مزر بحق، وللأسف فإن مجلس الإدارة الخالد يدرك
هذا الأمر، ويدرك أن هذا الأمر هو سبيله لمواصلة التشبث بالكرسي.
الآن
لا يعنيني ولا يعني كثيرين أمثالي ما يمكن أن تقولوه، ما يعنينا جميعا هو اسم عمان
الذي يساء إليه بأفعال ومقولات مؤسفة، ولهذا أطالب الجهات المعنية ومن يهمه الأمر بالتصرف
العاجل لما فيه مصلحة عمان، أقلها لتمنع الجهة المختصة تصويت غير العمانيين، إن لم
تفعل كما فعلت مع جمعية المسرح، وأدعو الصحفيين الشرفاء وكل من هو معني بالعمل
الإعلامي توجيه عريضة موقعة إلى جهة الاختصاص لإعادة إشهار جمعية الصحافة
العمانية، وتأسيسها من جديد، لما يخدم البلاد والعباد، ولما هو في صالح الصحافة
والصحفيين أنفسهم.
عشر
سنوات إذن مرت، وما زال الحال لا يبشر بأن جمعيات المجتمع المدني قد تبشر بمستقبل
زاهر للبلاد.
* نشر بالتعاون مع صحيفة البلد الإلكترونية
تعليقات
إرسال تعليق