كلام لا يعني أحدا
(1)
في المحاضرة قال: الأفكار طيور أجنحتها سحب عظام، تطير بفرح، وعلينا أن نبعث لها بالقبلات، حتى إن لم تكن تتقاطع وأفكارنا، لأننا والرأي الآخر سواء، فكونوا يا أبنائي كتلك السحب، أجنحة مفتوحة على مداها تنشر أفق الجمال
وعندما خرج، كان مكفهرا، إذ قال طالب بأن كلامه لا يتوافق مع الواقع، كلام أدبي فضفاض، ولا أحد يسمع لأحد، إلا ما طابت النفس عنه. المحاضر لحظتها غضب، أخرج مسدسه وأطلق رصاصة، صمت الطالب بعدها وعرف الآخرون أن لا مجال لشيء اسمه "وجهة نظر"
(2)
مسئول جديد قرر أن يطور العمل، قال لموظفيه: ألغوا ما كان، فنحن على طريق التجديد. بعد عدة شهور سألوه: أين الجديد بعد إلغاء القديم؟ نهرهم بزمجرة، وقال لهم: اسمعوا الكلام، لا أريد أحدا يحدثني عن الماضي. والماضي كان فيه كثير من النقاش، كثير من الرؤى وعرض الأفكار، لكنه ـ أي المسئول الجديد ـ أراد أن يبدأ صفحته هو فحسب!
(3)
قال الابن لوالده: أبي، ماذا تعني كلمة عواء؟ نظر الأب إلى ابنه وقال مبتسما: هذا صوت الكلاب يا ولدي. تفكر الولد، ثم بعد حين قال لأبيه: يا أبي قيل لنا بأن الكلاب تنبح، فكيف صار العواء صوتا لها؟ أجاب الأب مجددا، وابتسامة كبيرة على وجهه لحظتها: يا ولدي ليس كل ما تسمعه صحيح، وخذ الكلام من أبيك، فهو يعرف كل شيء. نظر إليه ابنه وقال: لكنني تذكرت يا أبي بأن العواء للذئاب والكلاب لها النباح، أنت لا تعرف كل شيء. عندها ضجر الأب، ورفع يده لتسقط ثقيلة على وجه الابن، نهض ومضى، والابن حائر: هل كانت اليد هي صوت العواء أم أنه لم يعد يسمع جيدا؟!
(4)
وهكذا مضت أيام كان فيها حنظلة قادرا على أن يقول كل شيء دون أن يخشى أحدا، لكن حتى حنظلة مات في بلاد غريبة، في أجواء باردة ولا حياة فيها، وكانت الرصاصة انطلقت من فوهة العشيرة!
تعليقات
إرسال تعليق