ما بعد عشر سنوات
أشرت في مقالي السابق إلى ضرورة أن نفكر لما هو بعد عشر سنوات من الآن، سواء في المشاريع الخدمية ـ بالتحديد الطرق باختلافها ـ أو حتى مشاريع الترفيه والسياحة، لأن البلاد بدأت فعليا في الخروج من مرحلة البدايات، أو ما كنا وما زلنا نسميه النهضة. الواقع يؤكد على أننا ولله الحمد بتنا في مرحلة متقدمة، وباتت عمان بلد معطيات حضارية تتوازى مع ما هو كائن في دول أخرى ربما كانت بدأت في مراحل أبكر من المرحلة التي بدأت فيها السلطنة مسيرة نموها ونهضتها.
قلت بأن جهودا جميلة تقوم بها بلدية مسقط، لتطوير شبكة الطرق الأساسية الموجودة حاليا، وأهمها شارع السلطان قابوس الذي يعد الشريان الأساس لكل المواطنين في العاصمة وخارج العاصمة. كما أننا الآن في انتظار الشارع الجديد، الشارع الجنوبي السريع الذي خطط لها منذ أكثر من عشر سنوات، وبدأ العمل الفعلي فيه قبل ما يزيد عن أربع سنوات، وسيكون شريانا جديدا وحلا جيدا لأزمة الزحام اليومي الذي تعاني منه العاصمة الجميلة مسقط، والذي أيضا سيربط فيما بعد بالخط الجنوبي السريع الذي تبدأ ببنائه الحكومة عما قليل.
ومع ذلك ما زلنا نفكر في إيجاد الحلول الآنية دون النظرة المستقبلية، فالعامرات مثلا باتت تعد مدينة أساسية في مسقط، ونقطة تنطلق منها مسارات عدة من وإلى مسقط ذاتها، ومع ذلك تفاجأت أن أقرأ خبرا يقول بأن الشارع الذي يربط هذه المدينة ببوشر الذي يخترق ستة كيلومترات جبلية كما أتذكر وقرأت، قد أعد من مسارين في كل مسار حارتين فقط، فهل اكتفينا بمشروع الشارع الذي يربط العامرات بوادي عدي ليكون هو الذي يحتوي فيه كل مسار على ثلاث حارات؟ علما بأن شارع العامرات ـ من دوار العامرات وإلى الدوار الذي يؤدي إلى قريات ـ ما عادت فكرة الحارتين في كل مسار مجدية أو كافية، فأناس كثر يعبرون هذا الطريق يوميا من قريات، وربما صور، وإلى مناطق متعددة في مسقط.
ليست الفكرة هي توسعة الطريق ـ وليست العامرات إلا مثالا على ذلك ـ بمقدار أننا ينبغي أن نفكر في إيجاد الأسس التي من خلالها سننمي قدراتنا السياحية على أقل تقدير، التي في النهاية ستأتي بمردود جيد ماديا ومعنويا، ولن يضطر المواطن إلى البحث عن أماكن خارج بلاده ليستجم فيها، خاصة أن عمان تزخر بالعديد من مقومات السياحة الجميلة والتي لا تحتاج إلا إلى القليل من العمل والمشاريع كي تقنع المواطن قبل الوافد بضرورة أن يتوجه إليها.
أعتقد أن التفكير في الغد سيكون مدخلا جيدا لإيجاد حلول طويلة الأجل لأي أزمة من الأزمات وفي مقدمتها الزحام الذي بات يعم عمان بأكملها، كما أنه من الضروري جدا التفكير جديا في جعل مدن أخرى غير مسقط العاصمة محط اهتمام استثماري بالدرجة الأولى، وذلك لا يتأتى إلا من خلال إيجاد مساحات من التسامح والتشجيع الجيد لجعل المستثمر يمد يده إلى مدن أخرى غير مسقط، كصور، كنزوى، كصحار، ولا أعتقد بأن هذا الأمر بصعب أو ببعيد.
تعليقات
إرسال تعليق