في جمعية الكتاب والنادي الثقافي الآن!

عن انتخابات جمعية الكتاب:

سيكون من الكلام المكرور عندما أقول بأن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء قد حققت "ديمقراطية" عالية جدا في انتخاباتها الأخيرة، برغم أني لم أكن موجودا لأستمتع بذلك الجو الانتخابي النزيه إلى أبعد الحدود، أو هكذا أشيع مع "إشاعات" أخرى لا أعرف مدى مصداقيتها، كما قيل بأن بعض المترشحين من إحدى القائمتين قدم عروضا مغرية لأعضاء الجمعية بأن يتم دفع مبلغ الاشتراك عنهم وإحضار تفويض من قبلهم، مع العلم بأن من لم يدفع اشتراكه قبل شهرين من موعد الانتخابات لا يحق له الترشيح، ومع العلم أيضا بأن الأعضاء الجدد الذين انضموا للجمعية خلال أقل من ستة أشهر لا يحق لهم الترشيح أو الترشح

عموما إن كانت هذه "الإشاعة" صحيحة فهذا لا يعني سوى أن ثقافة "شراء الأصوات" ليست حكرا على نظام انتخابي دون آخر، بل إن الأمر هنا يؤشر إلى سوداوية المشهد كون أن عملية "الشراء" تحدث في طبقة المتنورين ومن نسميهم جزافا "مثقفين"

بعيدا عن تلك الإشاعات إلا أنني أقول بأن المشهد كان ورديا وجميلا حتى لو شابته شائبة، فالقائمتان كانتا تحاولان استمالة الجمعية العمومية كل بطريقته: الشباب بالأفكار التسويقية الجميلة والتي تحتاجها الجمعية فعليا، والمخضرمون ـ وليس الشياب ـ بثقل الأسماء إن كان هناك أي ثقل

وفي الختام كان لابد من فائز، ولا أقول خاسر لأن الواقع العملي يؤكد على مبدأ عدم الخسارة ما دامت القائمة الأخرى تتكون من أعضاء في الجمعية لهم الحق في الانتخاب والترشح من جديد، ويبقى القول بأن الأيام المقبلة هي التي ستؤكد إن كانت القائمة الفائزة جديرة بتلك الثقة التي أعطيت، وكما ذكر سعيد الهاشمي في مقال له بمحلق نون، بأنه إن كنتم جادين فنحن معكم، وإذا ما خرجتم عن المسار فإن أقلامنا ستكون لكم بالمرصاد

وإذا كان من كلمة حق تقال، فإنها تقال في هذا الرجل: سعيد الهاشمي، الذي أخال بأن كل هذا الأمر "الديمقراطي" كان هو وراءه، كما كان منذ عام 2001 وراء فكرة تكوين هذه الجمعية، و"الركض" الدؤوب من أجل إشهارها.

الغريب أن آخر تصريحات الإدارة السابقة كانت تقول بوجود 300 عضو، أدرك جيدا أن ليس كلهم مخولين بالتصويت، ولكن من حضروا عملية الانتخاب أو بمعنى أدق من صوتوا كانوا لا يتعدون 103 بواقع 40 صوتا مقابل 73 صوتا رجحت كفة "آفاق" لتفوز في النهاية، ومن تلك الأصوات من فوض في صوته آخرين، ومحط استغرابي هنا هي أن هذه الجمعية هي نتاج مجتمعي، أي أنها لا تخضع لمؤسسات حكومية إلا من ناحية الإشراف "الشكلاني" فقط، فلماذا يختفي من كان ينادي بالاستقلالية في العمل الثقافي عن المهام المنوطة به عندما وجد له كيان؟

لكن على ما يبدو أن العمل الثقافي لا يسير وفق ما يشتهي الواحد منا، وبرغم نجاحات الجمعية العمانية للكتاب والأدباء السابقة إلا أنها ستكون مرتبطة بأشخاص آمنوا بدور الجمعية، وحاولوا قدر استطاعتهم والإمكانيات المتاحة لديهم أن ينموا من تلك الإنجازات والنجاحات حتى بات الأمر صعبا على الإدارة الجديدة لأنها إن لم تنجز جديدا فإنها ستجد ألف شامت كي يعرض بها، خاصة مع جماعة يسودها المرض أكثر من غيرها كجماعة "المثقفين" فلا أحد سيعمل إلى جوار الإدارة الحالية رغم كونه عضوا فيها، وسيظل يطالب بالإنجازات والنجاحات ويعرض بالإدارة في حال تقاعسها، وكأنه كان ينتظر مثل ذلك "التقاعس" كي يكشر عن أنيابه وهو لم يفكر لحظة واحدة في أن يأتي حتى ليوم الانتخابات

عن النادي الثقافي وأسره:

وإذا كان الوضع الثقافي في البلاد "مريضا" إلى هذا الحد فلا غرابة أن يتراجع النادي الثقافي ـ مثلا ـ عن العمل الثقافي الجاد إلا فيما ندر، فأسره التي كانت تحرك المشهد جيدا باتت نائمة، وليس السبب أنها أرادت هذا السبات، بل لأن الإدارة الحالية للنادي الثقافي لا تعير اهتماما كافيا بالأسر، ولا تسعى إلى مساندتها إلا بالأقوال الفضفاضة والتصاريح التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بل إن ما فعلته الإدارة الحالية هو التدخل في شؤون تلك الأسر والحل والربط فيها وكأن أعضاءها ـ وخاصة مجالس الإدارة ـ قد عينوا سلفا، كما هو الحال مع أسرة الترجمة التي بعدما حدث لم يعد أحد من المترجمين ليدخل النادي الثقافي مقيما لفعالية

ماذا كان سيخسر النادي الثقافي لو تم تقديم استقالة جماعية لإدارته من قبل أسرة الترجمة؟ أليس هذا أفضل حالا من الأخبار الصحفية التي تقول بإقالة الإدارة؟ ولكن لكل إدارة شؤونها الخاصة في التعامل مع مثل هذه الإشكاليات

وإذا كان النادي الثقافي بتصرفه ذاك كان يحاول القول بأن المشكلة هي في إدارة الأسرة، فلماذا لم يعد هناك حضور فعلي للمترجمين بالنادي الثقافي، ولماذا لم يستطع النادي الثقافي حتى كتابة هذه السطور من تشكيل إدارة جديدة لهذه الأسرة التي على ما يبدو ماتت وانتهى أمرها؟

ويبدو أن أسرة الشعر هي الأخرى يجب إقالتها، لأنها أيضا منذ أواخر أكتوبر الماضي لم يكن لها حضور، فلماذا لا تقوم إدارة النادي الثقافي بإجراء مماثل على غرار ما فعلته مع أسرة الترجمة؟

وعموما ليست إدارة النادي الثقافي وحدها من يلام، بل أيضا الأسر التي تخاذلت ولم ترد أن تناضل من أجل القيام بعمل "تطوعي" ثقافي، وإذا كانت إدارة النادي الثقافي "حجر عثرة" مع الأسرتين السابقتين، فإن إدارة أسرة القصة هي الملامة أولا وأخيرا فيما يحدث لديها من تخبط وضعف فعاليات وعدم وجود رؤيا واضحة، لأن هذه الإدارة المنتخبة من قبل القاصين تبدو غير منسجمة مع بعضها البعض، كما أن بها أكثر من رئيس يقوم بالعمل، فالرئيس السابق ما زال يعمل والرئيس الجديد له أعماله أيضا وهناك على ما يبدو رئيس تنفيذي هو أمين سر الأسرة ـ والذي أعلنها أكثر من مرة بأنه مستقيل وقالها أمام بعض الصحفيين في آخر لقاء به ـ وفيما نائبة الرئيس لا تحل ولا تربط وليس لديها خبر أو علم بما يحدث برغم أنها صحفية

إن عدم وجود خطة واضحة المعالم لدى هذه الأسرة، وعدم وجود آلية عمل سليمة، هي ما أدى إلى ضعف نتاج الأسرة الحالية، حتى وإن كانت أفضل من سابقتيها، كما أن رؤى الرئيس السابق للأسرة و"تدخلاته" التي يظن أنها لصالح الأسرة أضرت ولم تفد فليس كل النوايا الجميلة قد تؤدي إلى نتائج جميلة، إضافة إلى عدم تفرغ الرئيس الفعلي ونائبته لمهام هذه الإدارة، كما كان الوضع قبل الإدارة السابقة.

وكما دعوت مرة منذ أعوام إحدى إدارات أسرة كتاب القصة إلى التخلي عن مهام الإدارة لمن يتفرغ لها، فإني أوجه الدعوة للإدارة الحالية، التي لم تقدم جديدا سوى أمسيات لم نعد نعرف متى تقام، والحقيقة أن الموقع الإلكتروني الذي كان يديره القاص مازن حبيب كان له دور ممتاز في الإعلان عن فعاليات الأسرة لمدة عام وأكثر، الذي تم إقفاله بمجرد أن تسلم الإدارة الحالية مهامها، والتي أعلنت يوم الترشح أنها ستعمل على أشياء كثيرة لم نر منها أي شيء سوى الأمسيات الاعتيادية، فهل كان الخلل في إدارة النادي الثقافي؟ ربما

وفي اعتقادي أن إدارة النادي الثقافي بإمكانها أن تصوب الأوضاع من خلال الجلوس إلى الجماعات الثلاث والإنصات لها، بل وتوفير بيئات عمل مناسبة دون أية تدخلات من باب أن هذه الإدارة لم يتم تعيينها كي تعيق العمل الثقافي الذي يخدم البلاد، بل تنميه وتضيف إليه جديدا، وقد كان النادي الثقافي رائدا بمشاريع جميلة كإصداراته التي على ما يبدو تواجه بعض المصاعب، لربما لأنه ـ النادي ـ يهتم حاليا بمشروع أكبر هو "المائة كتاب" والذي أعلن عن "12" كتابا فقط حتى الآن.

وليس ذلك فحسب بل هناك مشروع "مجلس الاثنين" والذي أيضا يوجه بعض الإشكاليات خاصة عدم وجود خطة واضحة له تدل الناس على فعالياته وتجدولها لهم كما يحدث في مسرح الفليج مثلا

إن أمنيتي الحالية أن تعود أسرة الترجمة إلى خطط إنتاجها التي لم تظهر، وأن ينشط الشعراء في إقامة فعاليات إبداعية بعيدة عن التعاطي المتداول مع الشعر، وأن يحسم القاصون أمورهم ويعودوا إلى سابق العهد الجميل، وأن تكون إدارة النادي الثقافي "مرنة" في التعاطي مع المثقفين والكتاب لأن النادي الثقافي هو مظلة من مظلات هؤلاء المثقفين وليس عبئا عليهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

نشر هذا المقال في ملحق شرفات التابعة لجريدة عمان مع تعليق من الجريدة يخلي مسئوليتها وكأن المقال تحدث عن أمر خطير لا يجوز الحديث فيه إلا بعد استئذان مؤسسات أمنية أو كأنه يقدح في أحدهم وتريد الجريدة لفت النظر إلى أنها ليست مسؤولة، وفعليا أتحمل كافة المسئولية عن كلامي وكتاباتي ولا أطالب أحدا بذلك، ولكن كما يقال: الرصاصة اللي ما تصيبش تدوش ويبدو أن أحداث مقال لأحد كتاب الجريدة هي ما حتمت مثل هذه الجملة التي أعتقد أنها ستفيد المقال أكثر، ولذا شكرا للمحررين ـ في حالة وجود محررين ـ بجريدة عمان

تعليقات

المشاركات الشائعة