الملتقى العاشر

بعد أن فاتتني طائرة العاشرة مساء كان علي أن أنتظر حتى الثالثة فجرا، لألتقي مصادفة بالصديق عوض اللويهي العائد من أستراليا عبر خمس عشر ساعة قضاها في السماء من طائرة إلى أخرى كي يعود للبلاد
طبعا بالنسبة لي لم يكن الأمر مزعجا كثيرا، بل احترمت دقة الوقت لدى طيران الاتحاد، برغم أني تأخرت لدقيقتين فقط! فكان أن جلت في المطار الذي بات أكبر وهذا ربما سبب لتأخري عن الطائرة
المهم قضيت ليلة ليست متعبة في المطار الكبير، متذكرا أني عائد من بلاد لم أحبها في المرة الأولى واكتشفت في المرة الثانية أني لن أحب فيها مدنها الكبيرة "دمشق" فتلك مدينة تأكل البشر وتجعلهم ذئابا في حالة استعداد دائم للانقضاض عليك!
لا يهم
كنت عائدا من مدينة تقع على الأطراف، حيث البشر لم يفقدوا طباعهم الجميلة بعد، وظلوا ملاصقين للأخلاق الجميلة كالكرم والحب والود॥ هذا ما وجدته في مدينة الثورة التابعة لمحافظة الرقة والتي سميت بالثورة بعدما كان أحدهم يقص شريط افتتاح سد الفرات الضخم قبل عدة سنوات॥
هناك التقيت بجمعة الفاخري ذي الدم الخفيف والذي يمتلك حسا رائعا من الدماثة والأخلاق الجميلة، وكان قادما من ليبيا، كما التقيت بنعيمة السماك وأحمد المؤذن من البحرين وكعادة أهل البحرين لا تنقصهم مطلقا أي صفات من صفات الجمال والسمو، فشكلنا شلة مرحة مع الكتاب السوريين الحاضرين والذين كلما رحل أحدهم حتى جاء الآخر ليكمل دوره الجميل
كان ذلك هو الملتقى العاشر للقصة في محافظة الرقة البعيدة نسبيا عن دمشق العاصمة، وكان ويا للغرابة لديهم مسرح جميل ومكتبة ومركزا للثقافة في منطقة أو مدينة لا تساوي مدينة المصنعة او السويق من حيث عدد سكانها
وعمان بأكملها لا تمتلك مثل ذلك المركز الجميل!!!!
لكن هل من المهم أن تكون هناك مراكز ثقافية لدينا ولا أحد يرتادها؟ إن القراءة وحب الاطلاع والثقافة كان هو سبب وجود مثل ذلك المركز في مدينة بعيدة عن العاصمة بمسافة بعيدة، فالناس هناك تحب المعرفة، فيما لا معنى لدينا هنا لشيء اسمه المعرفة ويا للأسف الشديد
سأعاود لاحقا الكتابة عن هذا الأمر وسأفكر كثيرا في الفارق بين مثقف حاضر يحاول أن يقدم شيئا لأهله، وبين مثقف غائب مغرق في الغياب كما هو الحال معنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة