كلمة سريعة لك أيتها الحكومة

سعيد الهاشمي، حسين العبري، بسمة سعيد، خميس قلم، نبهان الحنشي، سليمان المعمري، إسحاق الأغبري وكل واحد وقف ليقول رأيه ويعبر عن نفسه ويبحث في صلاح بلادنا من صور إلى صحار إلى ظفار المجد، ممن أهانته حكومة بلاده، واعتبرته مجرما خارجا عن الطريق "القويم" ممن أعرف وممن لا أعرف ممن دخلوا المعتقلات من اجل أنهم عبروا عن رؤيتهم وقالوا كلمةً لا أظن انها آذتني أو آذت عمان الوطن الذي أظن أنه جميل

كل هؤلاء أفتخر بهم، وأرفع رأسي عاليا أن في وطني المنشق على ذاته لنماذج مشرفة حرة كهذه ـ اختلفت معهم أم اتفقت ـ لم تفعل أي جريمة إلا أنها طالبت بحق وبحرية رأي وتعبير

ما حدث مؤخرا، من حملة موسعة من قبل الحكومة لفض الاعتصامات بالقوة ما هو إلا دليل واضح على ضعف الرؤية التي يتمتع بها نظامنا الموقر، حكومتنا التي لا يبدو أنها ترى أبعد من قدميها

كيف ـ أيتها الحكومة العزيزة ـ تخبرين الناس أن الاعتصام وحرية التعبير وإبداء الرأي كل ذلك مكفول بالقانون وبالنظام ثم تأتين إلى كل هؤلاء المعتصمين لتفضي اعتصامهم بالقوة، قوة الجيش والأمن، وتوجهين للناس تهمة جاهزة: التجمهر؟ هل يعني هذا أن تلاقي الناس عقب صلاة الجمعة والعيدين وفي المناسبات الاجتماعية المتنوعة هو جريمة يعاقب عليها القانون؟ لأن ذلك الفعل هو أيضا نوع من التجمهر!

التهمة الأخرى الجاهزة هي التحريض! واعجبي! كيف بات حث الناس على الحفاظ على حقوقهم نوع من التحريض؟ نوع من الفساد والخيانة؟

غدا لن أقول لأبنائي حافظوا على حقوقكم، لأني أحرضهم على الفساد وزعزعة أمن البيت الذي أسكن فيه، لن أخبر زملائي في العمل بأن لهم حقوقا ينبغي أن يحرصوا عليها لأني حين أفعل ذلك أكون متآمرا أستحق الحبس بتهمة التحريض على الفساد!

هل خدعنا إذن عندما قيل لنا بأن هنالك حركة إصلاح؟ وبأن السلطة مع المعتصمين وستعطيهم حقوقهم وستستجيب إلى مطالبهم والإصلاح في مقدمتها؟

لا طبعا، ولكن حدث تغيير طفيف، حيث ليس هناك شيء اسمه الإصلاح، وإنما تطوير، إذ لم يكن النظام فاسدا ومخطئا كي نبحث في إصلاحه، ولكن امر تطويره واجب وضروري!

ويا أيها العمانيون لتنسوا الماضي "غير المطور" فنحن سنبدأ معكم وبكم عهد التطوير، والحمد لله طوال الأربعين عاما لم نشهد فسادا أو خطأ واحدا في النظام!

لننس ولنكتفي بحزمة "التطوير" الحالية، والقافلة تمضي إلى الأمام، أو بمنطق أكثر منطقية إلى الخلف، نعم الخلف، الخلف عندما يتم القفز على أحلام البسطاء من قبل من يظنون أنها تسعى لمصالحهم، من يظنون أنها تقف إلى جوارهم، وكل ما تفعله أنها تحمي مصالحها الخاصة فقط

أدرك أنني أتطرف في وجهة نظري الحالية، ولكن الذي حدث يفوق رؤيتي المثالية، ومواقفي السابقة التي أبديت فيها تحية للحكومة عندما كانت تستجيب وتنصت

لكنها كانت مرحلة و"عدت" يا رجل، وجاءت مرحلة ما يسميها البعض "هيبة دولة" ولذلك لابد من إحياء النظام القبلي، والتصرف مع الناس وفق قوانين "مائعة" تعدل في الوقت المناسب من اجل مصالح معينة واما القضاء فإنه يعصب عينيه بعصابة سوداء

لكن إلى أين نتجه، ونحن نعيش مثل هذا الوضع الدراماتيكي؟ إن عمان الوطن الجميل كما أظنه آخذ في التلاشي لتحل عوضا عنه حركة من الضباب الكثيف ليضيع كل شيء، ويبدو أننا جميعا وبلا استثناء أضعنا فرصتنا المهمة، فرصتنا التاريخية كي نصحح مسارنا المستقبلي، فيا لسوء حظ الأجيال المقبلة!

تعليقات

المشاركات الشائعة